"لطيفة متولي الشعراوي"

عبد المجيد عصر المجالي ليس بالأمر الصعب أن تتحايل على رئيس التحرير فتُضمّن مقالاتِك عباراتٍ أو آراء تريد منها شيئاً ويفهم هو شيئاً مغايرا تماماً لما أردت فيجيز نشرها حتى لو كانت مرتفعة السقف. استطعت أن أفعل ذلك مراراً مع أغلب رؤساء التحرير الذين تعاملت معهم، لكن أمّي هي رئيس التحرير الوحيد الذي أحاول عبثاً أن أتحايل عليه، فرغم «امّيتها» إلا أنها تفهم ما أريد قوله حتى لو لم أنبس ببنت شفة، كما أن صلاحياتها أكبر من الصلاحيات التقليدية لرؤساء التحرير، فهي لا تكتفي بمنع إجازة المقالة قبل نشرها، بل تجبرني على حذف المقالات حتى بعد النشر وبعد أن تسمعني من البهادل ما يُقزمني حد التقوقع، فضلاً عن أنها توجّه قلمي..! أحياناً أقاطع الكتابة الناقدة خوفاً منها وإرضاء لها، وأحياناً يستفزني قرار أو توجه رسمي فأعود للكتابة خوفاً على وطني وإرضاءً له، وما أصعب أن تقف حائراً بين إرضاء الأمّ الوطن والوطن الأمّ! كلما وشى لها أحد الأشقاء المتخابرين معها أنني كتبت مقالة لاذعة تستدعيني «الحجة إلى غرفة التحقيق وتبدأ رحلة الاستجواب.. تجلس «لطيفة» على متكئ يتوسط الدار ويتيح لها رؤية كل شاردة وواردة لا سيما تحركات الأحفاد المشاغبين، وفي يدها عصا تتوكأ عليها، وتهش بها على أمراضها الكثيرة، ولها فيها مآرب أخرى «اسألوا مجرب»، كما أنها ضالعة جداً في الخطابة ما يُشعرك أنك أمام محمد متولي الشعراوي بعصاه ومتكئه وخطبه. سمعتها تناديني، دخلت إلى غرفتها متمتماً بـ «اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه».. أشارت بعصاها إلى الفرشة التي تلاصق متكأها دون أن تتكلم، ففهمت الإشارة وجلست.. أمي: إنت والراي معك؟ أنا: ولا سويت إشي؟ أمي: ها ومين إلّي قاعد للحكومة وين راحت ووين إجت؟ إنت علامك على رئيس الوزرا؟ أنا: صارله فترة ما دفعلي نفقة. أمي: وِدّك تحكي مثل الأوادم أو (هزت عصاها)؟ أنا: لأنه المسؤول عن البلد ومن حق الناس تكتب عنه. أمي: يا فهمان.. ما يصير تكتب عنه! أنا: يمه مش هيك السياسة. أمي: رئيس الوزرا لا تكتب عنه لأخلي العصاي تلعب على جنابك وجناب السياسة. أنا: طيب أكتب عن النواب؟ أمي: هظول لا للسدة ولا للهدة ولا لعثرات الزمان، بعدين مياتهم ع النار.. فكك منهم. أنا: طيب عن شو أكتب؟ أمي: أكتب للناس أشياء تفيدهم بس ما ودنا سياسة! هذا ومن المتوقع بحثاً عن الفائدة وتماشياً مع توجيهات الحجة أن أكتب من الآن فصاعداً عن فوائد الأعشاب وربما تكون البداية مع عشبة «البعيثران». وتلولحي يا بعيثرانة!اضافة اعلان