لعبة التظاهر

معاريف

بن كاسبيت

18-5-2014

إذن هل علم أم لم يعلم؟ هذا منوط بمن تسأل. طريقة نظام الحكم المتبعة في البلاد (الديمقراطية البرلمانية)، والتي تدعو تسيبي ليفني ونفتالي بينيت (أو عمرام متسناع وأوريت ستروك على التوالي) إلى ذات الائتلاف، تخلق اوضاعا غامضة كهذه لا يمكن لاحد فيها أن يقول بكامل المسؤولية اذا كان رئيس الوزراء علم أن وزيرة القضاء التقت برئيس السلطة الفلسطينية أم لا. واذا كان علم، فهل أقر؟ واذا كان أقر، فهل فعل هذا بالفم المليء، أم بالغمز؟اضافة اعلان
الجواب: علم، أقر، بالغمز. مثلما هو الحال دوما. من جهة، نتنياهو لا يريد لليفني أن تلتقي أبو مازن. إلى أن نجح في دفع المفاوضات نحو الضياع، فماذا حصل أن برزت فجأة؟ ولكنها ضغطت. نتنياهو لا يمكنه أن يسمح لنفسه بأن تستقيل ليفني من الحكومة الان. يحتمل أن تكون ألمحت له بانه اذا منعها من لقاء أبو مازن فانها ستستقيل، وعندها اضطر لان يشد على اسنانه. واتفق على أن يتظاهر بانه لم يعلم، وهي كأنها لا تجري مفاوضات، واذا ما انكشف الأمر فان الجميع سينفون للجميع. بيبي أراد أن تكون له حجة غيبة أمام زئيف الكين ويريف لفين، المديرين العامين الجديدين له في الليكود. وهذا بالضبط ما حصل. اللقاء انكشف (أبرموفيتش في القناة 2)، وعندها بدأت تبرز الروايات. بيبي علم، لم يعلم، أقر، لم يقر، هكذا هو الحال دوما لدى نتنياهو، لا يمكن للمرء أن يعرف في أي مرة ماذا قصد الشاعر.
إذن تصادف وجود ليفني في لندن. وأبو مازن أيضا. وفجأت طرحت فكرة اللقاء. لماذا لا، في واقع الامر؟ غريب قول هذا، ولكن منذ تشكلت حكومة نتنياهو الحالية، أحد لم يلتقِ مع ابو مازن. ليفني نفسها لم تره منذ بضع سنين. ولما كان هو ما يزال الشريك الرسمي خلف سور الفصل، ولما كان هو ما يزال على رأس الشعب الذي يسكن إلى جانبنا (وبيننا)، ولما كان تعاونه الامني مع أجهزة الأمن ما يزال قائما وموجودا (وفي نهاية الاسبوع انقذ حياة الصحفي آفي يسخاروف من موقع "والا" على الإنترنت)، فقد قالت ليفني لنفسها: لماذا لا أجلس للحظة مع ابو مازن، اشرب معه القهوة وأتحدث عن الحياة ومعناها؟
هذا هو التفسير من جهتها. نفتالي بينيت سيشرح أمورا اخرى. هو سيقول إن الحكومة قررت تعليق المفاوضات مع الفلسطينيين، صحيح؟ وأبو مازن يوجد في ذروة مسيرة مصالحة مع حماس، التي ترفض وجود إسرائيل، صحيح؟ اذن لماذا ينبغي لنا ان نلتقي به؟ هنا أيضا توجد حجة ما. فنحن بالضبط نحاول المس بشرعية ابو مازن في العالم، مع خطوة الوحدة مع حماس، هكذا سيقول بينيت، إذن لماذا تزعج هي؟
إذن هذا هو، ستجيبه ليفني، من شدة ما نحاول، فان ما قرره العالم هو القاء المسؤولية عن الطريق المسدود في المفاوضات علينا بالذات. وحتى الأميركان يتهمون المستوطنات، وبكلمات اخرى – أوري أريئيل، في تفجير المفاوضات. هذا ليس فقط انديك، هذا أيضا كيري واوباما. بحيث أنه من المجدي أن نفهم الواقع الذي نوجد فيه، ستقول ليفني، افتراضيا، لبينيت.
وهاكم التناقض: اذا كانت ليفني التقت في لقاء مفاوضات مع أبو مازن، فإنها أخلت بقرار الحكومة. ولكن في محيطها يقولون ان هذه لم تكن مفاوضات. فماذا كانت هذه؟ ولما كانت ليفني التقت كيري من قبل، وكذا أبو مازن التقى كيري من قبل، ولما كانت كل الاطراف (باستثناء إسرائيل) ما تزال تدعي أن "باب المفاوضات مفتوح"، فلا يوجد وضع لا يكونون فيه تحدثوا هناك عن الامكانيات والصياغات.
إذن ليفني أخلت بقرار الحكومة. من جهة اخرى، هذه ايديولوجيتها. هذا ما تؤمن به. بالحوار، بالاتصالات، بالمفاوضات، وليس بالمحظورات والمقاطعات. وفضلا عن ذلك، مثلما قال أمس احد المقررين، ماذا سيفعل بيبي لها؟ سيقيلها. لنراه.
ومثلما هو الحال دوما، فإن المسؤول عن هذه المهزلة هو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان (ففي واقع الامر هو من يفترض به أن يلتقي أبو مازن، وليس ليفني). "اذا لم تكن هي تدير مفاوضات، فلتلتقي بقدر ما تريد"، قال ليبرمان، "من جهتي فليلعبا الداما". هكذا هو ليبرمان: مثل نتنياهو، باستثناء أنه أكثر بساطة بكثير، دون غمزات وتلويات، مباشرة وإلى الموضوع.