لعبة المسدسات الخطيرة

إحباط عمليات السطو على البنوك والقبض على مرتكبيها باستثناء عملية واحدة، لم يثنِ غيرهم عن المحاولة. كما أن صدور أحكام بالسجن لسنوات طويلة بحق بعض المتورطين لم يردع المغامرين.اضافة اعلان
أمس سجلت حادثة سطو جديدة، وتم القبض على منفذها.
المعنى أن حوادث السطو على البنوك، تقترب من أن تصبح ظاهرة يغامر في سبيلها أشخاص قد لا تكون لمعظمهم سوابق جنائية. أما وصفها بعمليات سطو مسلح ففيه قدر من المبالغة، بعدما أوهم منفذوها أن المسدسات البلاستيكية التي يحملونها هي أسلحة نارية.
لكن ذلك الوهم على ما ينطوي عليه من معاني الخفة وعدم الخبرة الجرمية، لا يقلل من خطورة الظاهرة وتداعياتها.
ومكمن الخطورة هو في انتشارها وتواترها وسعي أصحاب النفوس المريضة إلى تكرارها في العاصمة والمحافظات، ما دامت هناك فرصة ولو ضئيلة للإفلات من العقاب والظفر بمبلغ مالي معتبر.
بالمعايير العالمية، حققت الأجهزة الأمنية نتيجة ممتازة في كشف الفاعلين والقبض عليهم بوقت قياسي، غير أن ذلك ليس كافيا على ما يبدو لإحباط مخططات السطو.
ما الذي يمكن أن تفعله الأجهزة الأمنية أكثر مما تفعل لقطع الطريق على نشوء وترسخ ظاهرة السطو على البنوك؟
على مستوى الإجراءات وسرعة الاستجابة للتعامل مع البلاغات، فلا مجال لتسجيل ملاحظات جوهرية، فالفرق المختصة تحضر للموقع بوقت قياسي، وتتعامل مع المعلومات التي يوفرها التحقيق بحرفية عالية، وتمكنت من القبض على جميع المجرمين باستثناء واحد فقط.
ربما تكون الحاجة ملحة للتفكير بنشر المزيد من الكاميرات في الشوارع، وربطها بنظام تقني متطور يضمن وصول الصور أولا بأول لغرف المراقبة الأمنية لتتبع المجرمين بعد هروبهم.
المدن الكبرى في العالم أصبحت مسيجة بكاميرات المراقبة الموزعة في كل ركن وشارع، لا تترك شاردة أو واردة إلا وتلتقطها العدسات وتوثقها وترسلها على الفور لغرف التحليل والسيطرة.
عمان تطورت في هذا المضمار، لكن عديد مناطقها وشوارعها تحتاج لتغطية أشمل وبتقنيات أكثر دقة ووضوحا مما هو متوفر حاليا.
البنوك والمؤسسات المشابهة والمستهدفة بعمليات السطو تتحمل جانبا من المسؤولية. عليها أن تطور أنظمة الحماية والحراسة، وتعيين عدد كاف من رجال الحراسة المدربين والتفكير بتسليحهم وبأدوات متعارف عليها عالميا تساعد على تعطيل وشل حركة منفذي عمليات السطو من دون إلحاق أخطار جسيمة تهدد الحياة.
إن الظاهرة إذا ما توسعت وتنامت فستتحول لتهديد جدي لأمن واستقرار المؤسسات المصرفية في البلاد، ولهذا الأمر تداعيات خطيرة على الاقتصاد وصورة الأردن كبلد آمن للمستثمرين ورجال الأعمال. ولا نعلم فقد تتطور في وقت لاحق من ظاهرة فردية إلى عصابات جماعية ترتكب حماقات أكبر وتستهدف مؤسسات مالية سيادية.
ولهذا ينبغي عدم التهاون معها إطلاقا والتفكير بحلول خلاقة للقضاء عليها ودفنها في مهدها.