لقاء صحافي مصغر مع أوباما: الحل لن يتحقق فورا

لقاء صحافي مصغر مع أوباما: الحل لن يتحقق فورا
لقاء صحافي مصغر مع أوباما: الحل لن يتحقق فورا

يديعوت - ناحوم برنياع

بعد خطاب أوباما أمس (الخميس) في جامعة القاهرة اجتمعنا ستة صحافيين كبار من الصحف في أرجاء العالم الاسلامي، وانأ، مبعوث "يديعوت احرونوت"، حول طاولة مستديرة في غرفة جانبية، حين طلب الرئيس مقابلتنا.

اضافة اعلان

في الأصل كنا ثمانية. وعندما سمع الصحافي السوري بأن صحافيا إسرائيليا سيكون موجودا لم يأت إلى اللقاء. أما اللبناني، سركيس، فقد جلس معنا جميعا في مقدمة القاعة، ولكن عندما فهم من أين أتيت ومن أمثل تخلى عن الفرصة وهرب.

الآخرون  تلقوا القضاء بشرف، بل بعضهم بفرح. وكان هناك جمال خاشوقجي السعودي، وفهمي هويدي ومجدي جلاد المصريان، ووفاء عمرو الفلسطينية، وشهناز حبيب الماليزية وارمورتي الاندونيسي، اللذين نقلهما الأميركيون من الشرق الاقصى. وكنت انا الوحيد الذي عرف أوباما من لقاءات سابقة.

من على المنصة، بدا أوباما لامعا. في اللقاء الحميمي هو شخص آخر، اكثر انطواء، يحاضر في مذهبه كمعلم في مدرسة، ينصت لغيره، ضالع في التفاصيل، يجتهد ليقنع. وهو لا يغازل سامعيه مثل كلينتون او يجتهد لتسليتهم مثل بوش.

قال لي شخص عمل معنا منذ زمن غير بعيد: "اوباما يأسرك، وهو لا يؤسر منك".

جلس على الكرسي الفارغ الوحيد، بانتظار الحديث. وخلفه وقف رئيس طاقم البيت الابيض رام عمانويل. وجلس كبار مسؤولي البيت الابيض في زاوية الغرفة. ولم يكن الرئيس بحاجة الى مساعدتهم.

المسألة الفلسطينية اغرقت الحديث. ليس بسبب كثرة الفضول، بل بسبب ان الاهتمام بالمسألة الفلسطينية هو واجب في الصحافة العربية. من لا يسأل عنها سيشتبه به كعميل.

وفاء الفلسطينية سألت: متى سيأتي الحل؟ وطلب اوباما وقتا، وقال: "تسلم نتنياهو منصبه منذ شهرين فقط. قبل بضعة أيام التقيت مع عباس، ولم ألتقِ بعد مع كل الزعماء في المنطقة. أعرف أن الموضوع صعب على الجميع، صعب أيضا من ناحية سياسية. ولكني وعدت في حملتي الانتخابية بان اباشر في هذا الموضوع فورا وقد فعلت ذلك".

وأضاف: "لا يمكننا ان نفرض حلا، ولكن لأننا اقل تدخلا من ناحية عاطفية يمكننا أن نقنع الجميع بأهمية الحل. لن اذكر جدولا زمنيا. فللمفاوضات في الشرق الأوسط وتيرة خاصة بها. وعندما يحدث شيء فإن الجميع يعرفون بحدوثه. ما أريده هو أن يكون هناك احساس بالتقدم".

الصحافي المصري الجلاد سأل كيف يعتزم اوباما معالجة حكومة نتنياهو وكيف يعتزم معالجة حماس. فقال الرئيس الأميركي: "من الواضح أن لحماس تأييدا معينا في الجمهور الفلسطيني، لا ينبغي التنكر لذلك. مع القوة ينبغي أن تأتي المسؤولية".

وعاد وكرر الطلب من حماس الاستجابة للمطالب الثلاثة – وقف العنف، الاعتراف بالاتفاقات السابقة والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود.

وعندها انتقل الى نتنياهو، قال: "التقيته ثلاث مرات. مرتان عندما كنت سناتورا ومرة واحدة في البيت الأبيض. وجدت رجلا مثقفا جدا، رجل محادثة، رجل إعلام كامل. لأنه يتسلم منصبه للمرة الثانية، فانه يعمل انطلاقا من احساس تاريخي حقيقي تجاه المهمة التي يقف أمامها. لقد احتاج إلى وقت كي يشكل ائتلافا، الامر الذي يدل كم هي الساحة السياسية في اسرائيل معقدة وكثيرة المصاعب. وعندما تطلق كل يوم صواريخ ضد مواطني اسرائيل يمكن ان نفهم لماذا فقد الإسرائيليون ثقتهم في أن يحظوا بالأمن والاعتراف من العالم العربي".

وأضاف "اعتقد أن نتنياهو يعترف بالحاجة الاستراتيجية لتحقيق السلام في الشرق الاوسط. يحتمل أن تقع في يده فرصة ما كانت لتقع لزعيم من حزب العمل او اليسار. فقط نكسون المناهض للشيوعية كان بوسعه ان يفتح ابواب الصين".

سألته لماذا لم يحذر في خطابه إيران من أن استمرار تطوير السلاح الذري من شأنه ان يدخلها في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، فقال إن "السلاح الذري في إيران سيعرض استقرار المنطقة بأسرها الى الخطر، وعليه فان وقف المشروع هو مصلحة أميركية. هو مصلحة الجميع – بما في ذلك إيران. وليس فقط بسبب المواجهة مع إسرائيل".

وأضاف "ولذلك نحن نتوجه للحديث مع إيران من دون شروط مسبقة. هناك مواضيع أخرى على جدول الاعمال، ولكن النووي هو الأكثر حساسية والحاحا. وكما قلت، انا ملتزم بالدبلوماسية ولكني لا استبعد امكانية وسائل اخرى".

سألته لماذا لم يتحدث صراحة عن الحاجة الى التطبيع في العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي. فهل تراجع عن مطلبه؟

اجاب: "لا. من المهم جدا تعزيز الاحساس بأن المنطقة بأسرها تتحمل المسؤولية عن حل النزاع. ومن المهم ايضا ان يعرف الاسرائيليون بانه عندما يقدمون الحلول الوسط فانهم لا يحققون السلام فقط بل يعززون امنهم".

وقد سار بعيدا في رؤيا الشرق الاوسط الجديد خاصته، وقال إن إسرائيل هي دولة قوية اقتصاديا، واذا ما فتحت امامها ابواب التجارة في الخليج فانها ستصل الى ازدهار اقتصادي. وسيتمتع الفلسطينيون باستثمارات الشتات الفلسطيني. وأضاف: "انا ارى هنا فرصة كبرى. ولكننا ما نزال بعيدين".

فهمي المصري طلب ان يضغط على نتنياهو. واجاب أوباما باقوال قاطعة عن عمق العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. علاقة تاريخية، ثقافية، سياسية. وسألني كم من سكان اسرائيل ولدوا في أميركا. وكان يفترض ان الحديث يدور عن عدد كبير من السكان.

وقال إن "نتنياهو لم يتمكن بعد من بلورة سياسة. والفلسطينيون ايضا لم يتحدوا بعد حول خطة واحدة. وهناك جدال كبير بين فتح وحماس. سيكون من السذاجة الاعتقاد بان الحل سيتحقق في المدى الفوري. إن تجميد النشاط الاستيطاني هو قرار صعب. الفلسطينيون ايضا ينبغي أن يتوصلوا الى قرارات صعبة. لا يمكننا أن نفعل ذلك بدلا عنهم".

وأضاف: "في الشرق الاوسط نهج عدمي تجاه الولايات المتحدة. من جهة الجميع يريدون الا نتدخل. ومن جهة اخرى يتذمرون لأننا لم نحل المشكلة الفلسطينية أو لماذا لم نفرض حقوق الانسان. الجميع يشتكون – ولا أحد يقوم بالجهد بنفسه".

أصر الصحافي المصري في السؤال عن الدرس من الفشل في كامب ديفيد. "وهل خدعوا عرفات؟".

فقال اوباما "شيء واحد تعلمته منذ انتخبت رئيسا. انا لا اعرف الكثير من الأمور، بما في ذلك أمور قيلت في حضرتي، ناهيك عن أمور  قيلت قبل عشر سنوات. ما يهمني هو كيف نتقدم الآن".

وأضاف أن "الزعماء لا يمكنهم أن يعملوا من دون دعم جماهيري. ولهذا من المهم أن يخلق الجمهور الإسرائيلي مجال مناورة لحكومته حين يدور الحديث عن مسألة مثل إقامة دولة فلسطينية. وعليه فمن المهم ان يدعم الجمهور في الدول العربية التطبيع مع إسرائيل".

سأله الصحافي السعودي عن موقفه من منظمات مثل القاعدة. وكان جواب أوباما قاطعا: ليس معنيا بالحوار مع منظمات هدفها قتل النساء والاطفال.

وقال: "عنواني ليس هم بل الشاب من الطبقة الفقيرة في القاهرة، وفي غزة، وفي دمشق او في طرابلس، الذي ما يزال يبحث عن طريقه. رسالتي إليه هي: يمكنك أن تكون مخلصا لدينك، ولآرائك، ولكن محظور عليك أن تضر الآخرين. اذا كنت ترى ظلما، حاول أن تصلحه ليس بالعنف بل بالاقناع. واذا ما نجحت في الوصول إلى قلب هذا الشباب، فلعلنا نكون قد حققنا فارقا".

جلسنا ساعة واكثر. في النهاية قال اوباما بتعب: "اريد أن أرى الأهرامات. لم يسبق لي أن رأيت الاهرامات".

للحظة فكرت كم هو شاب وكم قليلا رأى من العالم. اجتمعنا كلنا حوله، في صورة تذكارية. طرحت عليه الا يتنازل عن زيارة أبو الهول: فهو يمكنه ان يعطي درسا مشوقا للسياسي. فوعدني بان يزوره.