لقاء "فتح" و"حماس": ثقوب في جدار المصالحة

نادية سعد الدين

عمان- تبحث حركتا "فتح" و"حماس" في القاهرة القضايا الخلافية في اتفاق المصالحة الفلسطينية، وإزالة العقبات أمام إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وسط تشكيك من إمكانية التوافق حول الملفين السياسي والأمني الشائكين. ويسعى الطرفان إلى معالجة ما برز من خلاف بيني، أخذ صورة تجاذب إعلامي حادّ بعد أقل من ستة أشهر تقريباً على توقيع "اتفاق الشاطئ"، في نيسان (إبريل) الماضي في غزة.اضافة اعلان
ويطال الحوار، الذي بادرت "فتح" إلى ضرورة عقده، بحث الملفين السياسي والأمني وعمل حكومة الوفاق الوطني وإعمار غزة ورواتب الموظفين، بالإضافة إلى "استراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة الاحتلال"، وفق حركة "حماس".
ولا يخلو مشهد المباحثات من شكوك فلسطينية حول إمكانية اصطدامها بالملفين الأمني والسياسي، والذي يحتاج بحثهما إلى جلسات مضافة لمحاولة تجسير الفجوة الواسعة بين الجانبين حيالهما.
هذا الوضع الخلافي دفع ببعض القوى والفصائل إلى "ترجيح خيار الاتفاق الجزئي"، رغم صعوبة تحقيق ذلك لتداخل جل القضايا، ما يعني، في نظر آخرين، الأخذ بناصية الترحيل إلى مشاهد حوارية إضافية.
من جانبه، اعتبر أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي أن "التوصل إلى اتفاق يقتضي وضع استراتيجية موحدة متفق عليها، وآلية واضحة ومحددة من أجل تفعيل منظمة التحرير وتعزيز دورها".
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "ذلك يتطلب، أيضاً، الاتفاق على آلية إدارة السلطة في ظل المتغيرات الجارية والواقع القائم في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، مما يعزز ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني للتعامل معها".
ويعني ذلك، بالنسبة إليه، إما "من خلال تطوير الحكومة نفسها عبر صيغة جديدة لحكومة إنقاذ وطني، أو تشكيل جديد للحكومة، لتقوم بعملها بأوسع دعم سياسي من القوى والفصائل، من أجل التصدي للتحديات ومعالجة الأولويات"، معتبراً أن "المسألة ليست متعلقة بأشخاص".   وأشار إلى أن "تلك المسائل أكبر من حوار فتح وحماس، أو حتى من مجموع القوى والفصائل، وإنما تحتاج إلى حوار وطني شامل يشارك فيه، إلى جانب ممثلين عن القوى والفصائل، مجموع النخب الفلسطينية وممثلي الرأي العام الفلسطيني لإيجاد رقابة شعبية للحوار ولما يؤدي إليه". وقال إن "النقاش الجاري في القاهرة مهم، من أجل وقف تراجع المصالحة، إلا أن المطلوب حوار أشمل بمشاركة ورقابة من مختلف شرائح وتوجهات الشعب".
وقد تنقلت الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس"، التي ارتفعت وتيرتها منذ حادثة "خطف" المستوطنين الثلاثة في حزيران (يونيو) الماضي قبيل إيجاد جثثهم، وما تلاها من حيثيات عدوان الاحتلال في الضفة الغربية ومن ثم قطاع غزة، بين عناوين "المسؤولية" عن الاختطاف، ورفض "حماس" الورقة المصرية الأولى ومن ثم قبولها باتفاق وقف إطلاق النار بعد تلبيته شروط المقاومة، ما أوجد موضع انتقاد "فتح" التي رأت تماثلاً بينهما.
وزاد الخلاف مع اتهام متبادل بتجاوزات كلا الحركتين ضدّ الأخرى و"شرعية" عمل حكومة الوفاق في غزة، قبل أن تحط مفاعيلها عند قضية "الرواتب"، من دون أن تجدّ حلولاً حاسمة في خانة جهود إنهاء الانقسام.
إلا أن الخلاف بين الطرفين يتجاوز إلى ما هو أبعد من ذلك؛ إذ تطلّ قضية التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والاحتلال برأسها الثقيل على أفق الاتفاق البينيّ، نظير انتقاد "حماس" لمضيّ السلطة فيه ومطالبتها بوقفه.
ويقف تباين البرنامج السياسي حجرّ عثرة عند الإيغال بعيداً في تطبيقات لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير، التي تستهدف دخول حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تحت مظلتها.
وبينما تطالب "حماس" بإبقاء سلاح المقاومة دونما مساس، مع دمج أفراد الشرطة والأمن في قطاع غزة ضمن إطار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، إلا أن الأخيرة صرحت أكثر من مرّة بضرورة الإقرار بدولة فلسطينية واحدة وسلاح واحد. ويدخل في هذا السياق تباين منظور الحركتين حيال تفسير بنود اتفاق المصالحة، والمغزى المستفاد من مضمونه، والذي قُدّر له التغلغل في مفاصل عمل الحكومة، وربما في مسارها أيضاً.
فيما ما يزال الخلاف يراوح مكانه حول طبيعة الحكومة نفسها؛ فبينما ترى "فتح" بأنها ستكون "ملتزمة بالتزامات السلطة والاتفاقيات الموقعّة وبالبرنامج السياسي الذي أقرته مؤسسات منظمة التحرير"، فإن "حماس" تجدّ في الحكومة "مرحلة انتقالية لأداء مهام معينة وفق سقف زمني متفق عليه مسبقاً"، بستة أشهر.

[email protected]

nadiasaeddeen@