لقاء يعيد الرؤساء السابقين إلى الحياة

كان من الطبيعي أن يحظى لقاء الملك برؤساء الحكومات السابقين باهتمام النخب السياسية ووسائل الإعلام؛ فاللقاء الجماعي بعد سنوات يعد بحد ذاته حدثا مهما. كما أن مشاركة رؤساء مثل أحمد عبيدات المحسوب على المعارضة، وعبدالكريم الكباريتي صاحب الاجتهادات الجريئة، وشخصيات مثل طاهر المصري وعبدالرؤوف الروابدة، يضفي على اللقاء أهمية استثنائية.اضافة اعلان
الميزة الإضافية للقاء أن المشاركين فيه يمثلون العهدين؛ عهد الملك الحسين وعهد الملك عبدالله الثاني، ولكل فريق من هؤلاء مقاربات سياسية مختلفة عن الآخر، تعبر عن نفسها فيما يتخذون من مواقف.
ويستطيع المرء أن يلاحظ بسهولة أن رؤساء في عهد الملك الراحل هم الأكثر ميلا إلى تبني مواقف نقدية تجاه السياسات القائمة حاليا، وهم في ذات الوقت الأقل تعرضا للنقد من قبل الرأي العام مقارنة مع رؤساء العهد الجديد. لكن أيا كانت الآراء والانطباعات الشعبية عنهم، فهم بمجموعهم من صاغ المشهد السياسي وصورة الأردن في ربع القرن الأخير. ومثلما كان لهم بصمات إيجابية –بعضهم لم يترك أي أثر– فإن كل واحد منهم يتحمل قسطا من المسؤولية عن تلك المرحلة.
بالنسبة للجيل الشاب من الأردنيين، تعتبر حكومات الثمانينيات والتسعينيات جزءا من الماضي، فمن الصعب على شاب جامعي أن يعطي تقييما لرؤساء تلك الحقبة، أو يذكر محاسنهم أو سيئاتهم. بينما يمكن للأردنيين من مختلف الأجيال أن يقولوا رأيهم بحكومات العهد الجديد التي عايشوها وخبروا سياساتها ورؤساءها.
بهذا المعنى، فإن حكومات العهد الجديد في الواجهة، وتميل الأغلبية إلى تحميلها المسؤولية الأكبر عن التدهور الحاصل في مستوى معيشة الناس، وتراجع مكانة الدولة وهيبتها، نتيجة لضعف الحكومات ورؤساء الوزارات مقارنة مع رؤساء العهود السابقة. ولهذا السبب، يستحضر الناس من ذاكرتهم شخصيات مثل وصفي التل وهزاع المجالي وتوفيق أبو الهدى وسمير الرفاعي الجد كنماذج لرؤساء حكومات أقوياء، أحدثوا فرقا جوهريا في حياتهم السياسية، وتركوا بصمات يصعب نسيانها.
لكن مهما كان رأينا في رؤساء الحكومات السابقين الأحياء، أطال الله في أعمارهم، فهم على اختلاف تجاربهم ومشاربهم وتوجهاتهم يمثلون بمجموعهم بيت خبرة ينبغي الاستعانة بهم دائما، ومشاورتهم في مختلف القضايا والظروف، والاستفادة من خبراتهم.
الإقصاء كان أسوأ خيار اتبع بحق من صنّف في صف المعارضة. واعتماد معايير مزدوجة في معاملة الرؤساء السابقين، تبعا لمواقفهم، أضر بسمعة الدولة وتقاليدها.
المأمول أن يكون لقاء الملك مع أعضاء نادي الرؤساء السابقين مقدمة لمراجعة أسلوب العلاقة معهم في المستقبل، وأولى خطوات المراجعة إشراكهم جميعا في عضوية مجلس الأعيان عند تشكيله في المرة القادمة، امتثالا لنص الدستور واحتراما لتقاليد الدولة الأردنية. يستثنى من ذلك بالطبع من يثبت تورطه في قضايا فساد تنظرها جهات التحقيق والجهاز القضائي حاليا.
وعلى مستوى الرؤساء السابقين أنفسهم، أقترح عليهم إحياء فكرة ناديهم السياسي، وتنظيم لقاءات مستمرة، ليكون حاضنة للنقاش في الشؤون العامة والقضايا المطروحة في وسائل الإعلام.

[email protected]