لقاح فيروس كورونا.. والانتظار المرير

لينا العالول لا يخفى على أحد أن الجميع حول العالم، قد سئم من مجرد سماع كلمة «فيروس كورونا». ناهيك عن الإجراءات الحكومية المشددة في مختلف دول العالم للحد من انتشار هذا المرض وتأثير هذه الإجراءات على الاقتصاد والصحة النفسية وغيرها من جوانب الحياة المتعددة. وها هي أنظار العالم جميعا تتجه نحو أي خبر يشير الى قرب إنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا والموافقة عليه من الجهات الصحية المعنية. لربما لم يشهد العالم منذ فترة طويلة هذا النوع من الانتظار لأي لقاح آخر. لكن السؤال هنا، هل عمليات انتاج اللقاح تسير بالاتجاه الصحيح؟ هل تأخر إنتاج اللقاح بعد ما يقارب عاما كاملا من ظهور المرض؟ أم ماذا ؟ تتطلب عادة عملية إنتاج أي لقاح والتأكد من فعاليته وسلامته والموافقة عليه عدة أعوام ، وفي الغالب تتراوح فترة الانتظار من عامين الى خمسة أعوام. فاللقاح عادة ما يمر بعدة مراحل منها: التجارب قبل السريرية للقاح، حيث يقوم العلماء في هذه المرحلة بتجربة اللقاح على الحيوانات، كالفئران والقردة وغيرهم، لملاحظة ردة فعل اجسامهم وقدرتهم على تكوين استجابة مناعية اتجاه هذا اللقاح. ومن بعد ذلك، تأتي المرحلة الأولى، وهي مرحلة التجارب السريرية المبكرة والمتعلقة عادة بسلامة هذا اللقاح بالنسبة للبشر. وعادة ما تجرى هذه الاختبارات على عدد قليل من الأشخاص ويكون هدف هذه التجارب معرفة سلامة اللقاح والجرعة المناسبة منه والتأكد من أنه يحفز جهاز المناعة بالدرجة المطلوبة. ثم يأتي دور المرحلة الثانية، الا وهي مرحلة الاختبارات السريرية الموسعة والتي يقوم فيها العلماء بإعطاء اللقاح لمئات الأشخاص الذين تم تقسيمهم إلى مجموعات ، مثل الأطفال وكبار السن، وحسب الجنس والعمر وغيره من المجموعات لمعرفة ما إذا كان اللقاح يعمل بشكل مختلف لديهم. كما يختبر العلماء أيضا وبشكل موسع أكثر على كافة المجموعات سلامة اللقاح وحجم الجرعة المناسبة وقدرة هذا اللقاح على تحفيز جهاز المناعة بالدرجة المطلوبة. ثم تأتي المرحلة الثالثة في الاختبارات، وهي مرحلة التأكد من فعالية اللقاح المنتج. حيث يقوم العلماء بإعطاء اللقاح لآلاف من المتطوعين ثم يقومون بمراقبتهم وانتظار النتائج لمعرفة عدد ونسبة الأشخاص الذين اصيبوا بالفيروس رغم تلقيهم للمطعوم. وتعد هذه المرحلة من أهم المراحل في حياة أي لقاح منتج، حيث تتحدد قدرته على الوقاية الفعلية من الفيروس، كما تظهر أيضا أي آثار جانبية للقاح ممكنة حال ظهورها على المتطوعين. وفي بعض الحالات، ولغايات اختصار فترات الانتظار تقوم بعض الشركات بتجارب مدمجة مع بعضها البعض، أي أن تقوم الشركة المصنعة مثلا بتجربة اللقاح على مئات الناس بدلا من تجربته في المرحلة الأولى على عدد محدود من المتطوعين لمراقبة ردة فعل أجسامهم على هذا اللقاح. فإذا كانت ردة الفعل اتجاه هذا اللقاح سلبية أو تسببت بأعراض جانبية، توقف هذه التجارب على الفور. للأسف وبسبب الضغط الشديد حاليا لإنتاج اللقاح، قد قامت بعض الشركات أو الدول على البدء بإعطاء الموافقة على اللقاح قبل انتظار المدة الكافية للمرحلة الثالثة من الاختبارات، تماما كما حدث في روسيا والصين، مما يشكل خطرا كبيرا على صحة متلقي المطعوم. حاليا، تتسابق الشركات والدول للإعلان عن لقاحها لفيروس كورونا، وهناك دلائل مبشرة على قرب انتصار البشرية على هذا المرض، الا أن العديد من هذه الشركات ما تزال لا تعلم طبيعة عمل هذه اللقاحات حسب اختلاف الاجسام والفئات العمرية والحالة الصحية للمتلقي، وما زالت تجهل هذه الشركات المصنعة فترة المناعة التي سيكسبها هذا اللقاح لمتلقيه، هل سيكون على مدى الحياة أم سيكون سنويا ربما كمطعوم الانفلونزا الموسمية ؟ وهل سيوقف هذا اللقاح الإصابة بالفيروس وانتشاره ونقل العدوى بين الناس تماما، أم ستخبو الأعراض فقط وينتقل الفيروس للذين لم يتلقوا بعد اللقاح؟ آخذين بعين الاعتبار أن اللقاح في أول عام من إنتاجه والموافقة عليه، سيخصص في البداية للعاملين في القطاع الصحي وفي خندق الدفاع الأول ضد هذا المرض، ثم سيخصص لكبار السن والذين يعانون من أمراض مزمنة وأوضاع صحية صعبة ومن ثم سيتوفر للجميع، الأمر الذي سيأخذ على أقل تقدير عاما آخر من هذا الانتظار المرير.اضافة اعلان