لكي لا نتخذ قرارات أصعب لاحقا

لا تلجأ الدول إلى صندوق النقد الدولي بصفتها عضواً إلا لوجود تحديات اقتصادية تعاني منها، ليصار إلى التوافق على برامج اصلاحية في مجملها تحمل اجراءات تصب في مجال زيادة الإيرادات. في حالتنا، خضع الأردن لبرنامج الاستعداد الائتماني (2012-2015)، واعتبر النموذج الأنجح في المنطقة واقيم في الأردن حينها مؤتمر كبير استضافته العاصمة عمان، وإشادة حينها مديرة عام صندوق النقد الدولي بتجربة الأردن الاصلاحية في تلك الفترة. اشادة لاغارد لم تكن "لسواد العيون"، فالسياسة النقدية مارست دورها بكفاءة وحصافة وارتفعت الاحتياطيات من 6.3 مليار دولار إلى 13 مليار دولار، وتمت ادارة ملف الهلع والدولار بحرفية عالية وعززت الثقة بالاستقرار النقدي، في المقابل كانت المالية العامة في تلك الحقبة تفاجئ مبعوثي النقد الدولي بتنفيذ الخطوات فتمت حينها تحرير اسعار المحروقات بدلا من ثلاث دفعات بدفعة واحدة، وتم تقديم وتوجيه الدعم النقدي لمستحقيه بالتزامن. ما ينبغي حاليا في ظل تمديد البرنامج الثاني بالتعاون مع صندوق النقد الدولي بعد اتمام المراجعة الثانية، التفكير مليا في الأوضاع الراهنة والمؤشرات المتحققة وعدم تكرار الاخطاء الماضية التي حالت إلى تأخر اقرار المراجعة الثانية حتى الشهر الماضي، بينما كان من المفترض أقرها قبل المجلس التنفيذي في 07 أيار (مايو) 2019 يجب على صناع القرار في ظل تحسن بعض المؤشرات - وإن كانت بسيطة - التفكير في البنود التي لم تتحقق في المالية العامة وعلى الحكومة رغم القناعة الراسخة بصعوبة أوضاع المواطنين انجاز برنامج يفوق مؤشرات صندوق النقد الدولي من ناحية الانجاز خصوصا أن الحكومة ماضية في تعزيز شبكة الامان الاجتماعي بكفاءة عالية. لا يجب الاستسلام لفرضيات الموازنة على انها لن تتحقق والانتظار حتى الارتطام في نهاية السنة المالية، وبالتالي لا يكفي ان تعلن الحكومة عن أنها لن تتخذ قرارات تقوم على فرض الضرائب والرسوم بل يجب أيضا يجب أن تتوجه لتخفيض الموازنة بنحو 400-500 مليون دينار كإجراءات تقشفية غير اعتيادية لأن مبلغ 100 مليون دينار الذي أعلنت عنه ليس كافيا. الاقتصاد الوطني اعتاد على مواجهة التحديات الاقتصادية والتاريخ يثبت ذلك، وهو قادر على ادارة شؤونه الاقتصادية لكن يجب السير في خطوات سريعة لمعالجة التحديات الرقمية حتى لا تضطر الحكومة مجبرة على اتخاذ قرارات اصعب في المستقبل.اضافة اعلان