للفقر يوم يؤويه

عمان- الغد- حيثما ألقى الفقر مرساته، كانت له تداعيات خطيرة، خصوصا في المناطق التي يستوطنها ويلقي بظلاله الثقيلة على حقوق أناسها الأساسية، وسط إفصاحات دولية بأن الفقر يشل حياة نحو 770 مليون إنسان يعيش كل منهم بأقل من دولارين في اليوم.اضافة اعلان
ويصادف اليوم، اليوم العالمي للقضاء على الفقر الذي يتزامن مع السنوية الـسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في ارتباط عضوي بين المناسبتين اللتين ترى الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ صلة جوهرية تربطهما سعيا للقضاء على الفقر المدقع وإرساء المساواة في الحقوق بين الناس كافة.
الأمم المتحدة تؤكد أن هناك أكثر من مليار فقير في العالم، بحسب تقرير بعنوان "مؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد".
وتحدث التقرير عن وجود مليار و3 ملايين شخص فقير، في 104 دول تحت خط الفقر، ويشكل الأطفال دون الـ18 عاماً، ما يزيد على نصفهم.
وتظهر أحدث التقديرات الصادرة عن البنك الدولي أنه في العام 2015، كان 10 % من سكان العالم يعيشون على 1.90 دولار للفرد في اليوم أو أقل، مقابل 11 % العام 2013، ويشكل هذا انخفاضاً من 36 % العام 1990.
وكان هناك حوالي 1.1 مليار شخص يعيشون في فقر مدقع في العام 1990‏. وفي العام 2015، كان 736 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.9 دولار يوميا بانخفاض عن عددهم العام 1990 حين بلغ 1.85 مليار شخص.
وبالرغم من تراجع معدلات الفقر في كل المناطق، فإن التقدم في هذا المجال كان متفاوتا، بحسب البنك، فقد خفضت منطقتان هما شرق آسيا والمحيط الهادئ (47 مليون فقير فقرا مدقعا) وأوروبا وآسيا الوسطى (7 ملايين) معدل الفقر المدقع إلى أقل من 3 % لتحققا بذلك المستهدف للعام 2030.
ويعيش أكثر من نصف الفقراء فقرا مدقعا في أفريقيا. وفي الواقع ارتفع عدد الفقراء بالمنطقة تسعة ملايين شخص، في حين كان يعيش 413 مليون شخص على أقل من 1.9 دولار يوميا العام 2015؛ أي أكثر من جميع المناطق الأخرى مجتمعة. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن كل 9 من بين كل 10 فقراء فقرا مدقعا سيعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء بحلول العام 2030.
وتعيش الأغلبية العظمى من فقراء العالم في المناطق الريفية وقد حصلوا على قدر ضعيف من التعليم ويعمل أغلبهم في القطاع الزراعي وعمرهم يقل عن 18 عاما.
محليا، مصادر مطلعة قالت إن نسبة الفقر في الأردن قفزت إلى 20 % خلال العام 2016، مقارنة بنحو 14.4 % العام 2010، بينما توقع خبراء اقتصاد تخطي الفقر النسبة الأخيرة في ظل ارتفاع الضغوط المعيشية.
ورجح البنك الدولي، في تقرير "المرصد الاقتصادي" الذي صدر في نيسان (إبريل)، أن يكون الفقر في الأردن قد ارتفع خلال الفترة الماضية في ظل ثلاثية "التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي البطيء".
ووفقا للبنك، فإن الأردن لم يصدر تقديرات للفقر منذ العام 2010 بسبب مشاكل في جودة البيانات لمسح نفقات ودخل الأسر 2013-2014 مع الإشارة إلى أن الحكومة كانت قد أطلقت مسحا لدخل ونفقات الأسرة في آب (أغسطس) 2017 الذي سيكون ممثلاً للأردنيين وغير الأردنيين.
ورأى التقرير أن الاقتصاد ما يزال يخضع لبطء في الإصلاحات الهيكلية التي تعيق الانتعاش القوي في النمو.
ولأن الفقر همٌّ محلي ضاغط، فقد سلط خطاب العرش في الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الثامن عشر، أضواء كاشفة على الفقر، حاثا على تطوير سياسات وآليات لمواجهة تحدي الفقر.
عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للحقوقيين، المحامي الدكتور سعد علي البشير، اعتبر أن خطاب العرش لجلالة الملك عبدالله الثاني، في الدورة العادية لمجلس الأمة الثامن عشر، جاء معنوناً المرحلة بالتوافق الوطني والعمل بروح الفريق الواحد، وضرورة تجاوز التحديات التي يمر بها الأردن، وهذا ليس إلا إشارة إلى مجلس الأمة والحكومة ليعملا معاً في سبيل إنقاذ الأردن من الأزمات التي يمر بها اليوم.
وأضاف "أن في الأردن أزمة حقيقية عنوانها فقدان الثقة الشعبية بالحكومات المتعاقبة، والتشكيك بقدرتها على إحداث التنمية الاقتصادية، ووضع الحلول للمشاكل التي يمر بها الأردن وعلى رأسها الفقر والبطالة".
البشير لفت الى أن نسبة عالية من أفراد الشعب ترى أن الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من وضع خطط قابلة للتطبيق والقياس في مكافحة الفساد لبناء دولة القانون، ودولة الإنتاج للقضاء على الفقر والبطالة، ودولة محورها المواطن في ظل قانون ضريبي يحقق العدالة الاجتماعية.
وبين أن الحكومات تمسكت بنهج واحد لم يتمكن من مواجهة التحديات التي تتعرض لها البلاد، فهي لم تستطع الخروج من تأثيرات الممولين الدوليين، مما أرهق الخزينة والمواطن الذي تلجأ الحكومات عادة الى جيبه المستنزفة أصلا.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور نوح الشياب، أكد أنه لابد من إيجاد مشاريع اقتصادية في الأطراف والمناطق النائية، على قدم المساواة مع تلك المشاريع التشغيلية في مراكز المحافظات.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لاحظ في رسالته باليوم الدولي للقضاء على الفقر، أنه على الرغم من احتفال العالم قبل خمسة وعشرين عاما، باليوم الدولي للقضاء على الفقر، والذي تمكن ما يقرب من بليون شخص من الهروب من براثن الفقر بفضل القيادة السياسية، والتنمية الاقتصادية الشاملة للجميع، والتعاون الدولي، إلا أنه ما يزال يترك العديد من الناس وراء الركب.
وأوضح أن أكثر من 700 مليون من الأفراد عاجزون عن تلبية احتياجاتهم الأساسية اليومية، ويعيش الكثير منهم في أوضاع تطبعها النزاعات والأزمات؛ بينما تعترض الآخرين عقبات في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل، مما يحرمهم من الاستفادة من التنمية الاقتصادية على نطاق أوسع.
ودعا الى إرساء عولمة منصفة تهيئ الفرص للجميع وتكفل إعطاء دفعة قوية، بفضل التطور التكنولوجي السريع، للجهود التي نبذلها في سبيل القضاء على الفقر.-(بترا - بشرى نيروخ)