# للي شافته جمانة

مجددا، واعتمادا على اطلاعي على المذكرة الإسرائيلية التي تسلمتها الحكومة، أوكد أن الأردن حقق منجزا بعد أن رضخت إسرائيل لشروطه الثلاثة المرتبطة بحادثة السفارة الإسرائيلية في عمان التي ذهب ضحيتها أردنيان، وحادثة استشهاد القاضي رائد زعيتر.اضافة اعلان
اطلاعي على المذكرة وتفاصيلها قضية شغلت الناس في الأيام الماضية، إذ تصدر هاشتاج "للي شافته جمانة" موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عقب نشر مقالي يوم الأحد حول مذكرة الاعتذار الإسرائيلية للأردن.
السبب في الجدل الكبير الذي دار حول المقال، تأتّى من العبارة التي أوردتُها في المقال بأنني اطلعت على المذكرة التي أرسلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية للحكومة الأردنية. تغريدات الناس تفاوتت بين متسائل ورافض ومتهم ومتهكم. لكن ذلك لا يلغي أنني كصحافية وكاتبة اطلعت على الوثيقة وما ورد فيها.
البعض لام نشري تفاصيل المذكرة، وآخرون طالبوا بنشرها، وهؤلاء لا يعرفون للأسف ماهية العمل الصحفي وطبيعة هذه المهنة التي لا تقوم إلا على المعلومة. نعم أنا اطلعت على المذكرة وهذا جزء من عملي الصحفي وواجبي لكي أقدم الحقيقة للقارئ. والاطلاع على نسخة المذكرة ليس إلا تطبيقا للمعايير التي تتبعها الصحيفة في نقل الحقيقة ولا شيء غيرها، وعدم نشر نسخة الوثيقة يرتكز على ذات المعايير احتراما للمصادر.
المهم، المغردون شككوا بالمعلومات الواردة التي أعيد نشرها مجددا للتأكيد على أنها موجودة في الوثيقة، والتي أوردتها في المقال السابق.
لكن ذلك لا يمنع من أن أعيد نشر المحتوى الذي اطلعت عليه في الوثيقة، والذي يتضمن: أولا؛ اعتذارا وأسفا إسرائيليين للأردن عن مقتل الأردنيين الجواودة والحمارنة وكذلك زعيتر، بشكل واضح. ثانيا؛ التزمت حكومة الاحتلال بتطبيق القانون على القاتل لحين تطبيق العدالة. ثالثا؛ قدمت التعويض المالي لورثة الضحايا وتم تسليمه من خلال البنك المركزي كجهة حكومية، وبلغت قيمته 5 ملايين دولار لعائلات الضحايا الثلاث، رغم أن قيمة التعويض لم ترد في المذكرة، لكن "الغد" تأكدت من دقتها من مصادر مقربة من عائلات الضحايا ولاحقا من مصادر حكومية.
مجددا، عدنا إلى الجدل: هل اعتذرت إسرائيل أم لا؟ وبصراحة وللتأكد مما ورد في المذكرة، اتصلت بخبير القانون الدولي د.أنيس القاسم، وتلوت عليه ما جاء في المذكرة طالبة رأيه القانوني. القاسم أكد أن ما ورد في النص الإنجليزي للمذكرة يعني الاعتذار، مضيفا أن إسرائيل التزمت وطبقت شرطين من شروط الأردن، وهما الاعتذار والتعويض، وبقي عليها الالتزام بالأخير والأهم، وهو تطبيق القانون على القاتل.
القاسم أكد أن ورود عبارة الالتزام بتطبيق القانون، تعني حكما أن دولة الاحتلال، مضطرة للتنفيذ حماية لسمعتها باحترامها لتعهداتها، وإن تنصلت بعد ذلك فلدى الأردن وثيقة يستطيع بموجبها مقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لمخالفتها تعهداتها للحكومة الأردنية.
الحكم على مدى التزام إسرائيل من عدمه بتنفيذ الشرط الأردني الثالث والمتعلق بمحاكمة القاتل، مسألة تحتاج قليلا من الوقت للحكم عليها. لكن، وعندما يثبت عدم الالتزام، وهذا وارد من قبل دولة طالما اخترقت القانون والأعراف ولم تحترم الشرعية، فإن من حق الحكومة الأردنية أيضا إطلاق حملة لفضح عدم احترامها لتعهداتها.
بالنتيجة، انشغال المغردين الأردنيين بالقضايا العامة مسألة مهمة وصحية وضرورية، فهم في النهاية ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ودورهم أن يرصدوا ويتابعوا. لكن عليهم أن يتذكروا في آخر اليوم أنهم ليسوا صحافيين.