لماذا انخفض الدَّين العام؟

في الربع الأخير من العام الماضي، نشرت دائرة الإحصاءات العامة أرقاما معدلة للناتج المحلي الاجمالي الاسمي والحقيقي، وغطت الفترة (2008 - 2017). وتتفق هذه المنهجية، بطبيعة الحال مع المعايير الدولية بحيث لا يخالط عملها أي لبس. وقد أسفرت تلك المنهجية إلى حد كبير عن زيادة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لعام 2017 بأكثر من 400 مليون دينار، ويتوقع مع ذلك أن يصل حجمه أي الناتج المحلي الاجمالي إلى 30.30 مليار دينار في العام 2018. تتشابك العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي والدَّين العام بشكل كبير، لأنه يمثل المقام الذي يتم على أساسه قياس نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الاجمالي. وبما أن ناتجنا العام في تزايد من حيث الأرقام المطلقة منذ العام 2011، فإن تعديل المنهجية وسع الوعاء الذي يتم على أساسه القياس، وقلل بالتالي حدوث المزيد من الارتفاعات في الدّين في مقابل الناتج المحلي الاجمالي وهو ما تم في الربع الاخير من العام 2018. واضح بأن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الاجمالي هي الفيصل، وبكل بساطة الدين العام أنهى العام 2017، عند 27.26 مليار دينار ويفترض أن ينهي العام الحالي عند 28.44 مليار دينار، إذا كرقم مطلق ازداد. على أي حال، ذهبت المنهجية الجديدة التي اتبعت في احتساب الناتج المحلي الإجمالي بالعديد من الأرقام إلى نسب أفضل، لأن المقام ازداد بحيث ظهر الانخفاض. وربما يكون من بين العناصر الأكثر أهمية وجلبا للانتباه هو انخفاض نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي. بذلك، وبافتراض أن تكون كل فرضيات الموازنة دقيقة وحرفية وكفؤة، وعدم وجود مبالغات في التقديرات –خصوصا توقع نمو الإيرادات بنسبة 15 % خلال العام 2019 عن العام 2018، الذي شهد انحرافا في التقديرات بشكل كبير وفقا لأرقام إعادة التقدير- فإننا يمكن أن نتحدث عن بدء في هبوط تدريجي -ولو بنسب بسيطة- في المديونية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي. من المعروف أن الأردن ينفذ برنامجاً إصلاحياً مع صندوق النقد الدولي، ويسعى إلى إنهاء المراجعة الثانية من هذا البرنامج الذي تضمن اتخاذ تدابير إصلاحية حازمة. ويعني ذلك أن أداء المالية العامة ودقة وصوابية جهودها ستسهل الأمور على المفاوض الأردني. وبخلاف ذلك، ستبقى الجدلية المترتبة على قيام المؤسسة الدولية بفرض برامج إصلاح جديدة على البلد. وليس هذا ناتجا محبذا، سيما وأن الحكومة بصدد التحضير لمؤتمر لندن وإقناع جمهور المستثمرين هناك بجدوى الاستثمار في المملكة، في ظل تنافسية عالية على استقطاب الاستثمار. ولذلك، ينبغي أن تطرح مخرجات العملية الإصلاحية الثمار، فيما ينعكس على تحسين معدلات النمو الاقتصادي وتأثيراتها على مستويات معيشة المواطنين. فهل نحن قريبون من ذلك؟اضافة اعلان