لماذا تتصاعد مشاعر العداء التركية ضد المهاجرين السوريين؟

تقرير خاص – (أحوال تركية) 18/9/2022 مع تصاعد المشاعر القومية المتعصبة، تنقلب تركيا على اللاجئين فيها دفعة واحدة. * * اختفى اللاجئون السوريون مؤخرًا من الشوارع؛ حيث ما تزال ندوب الكراهية واضحة. وقد أغلقوا متاجرهم وسارعوا إلى عدم الظهور في الشوارع خوفًا من الانتقام والمشاعر العنصرية التركية. كان ذلك في الذكرى السنوية لأعمال شعب قام بها حشد من الغوغاء الأتراك المناهضين لوجود اللاجئين، وقد وجهت السلطات تحذيرًا: “كان من الأفضل أن تختفوا وألا تدخلوا في مصادمات”. وقد بدأت أعمال العنف في آب (أغسطس) الماضي عندما اتهم شاب سوري بطعن مراهق تركي خلال عراك في منطقة ألتينداغ في أنقرة. عندئذ نزلت عصابات المواطنين الأتراك إلى الحي، وقاموا بتخريب ونهب المتاجر والمنازل والسيارات السورية، في فورة غضب صادمة وغير مسبوقة في شراستها ومكان حدوثها: في أطراف العاصمة التركية، على بعد أميال قليلة من القصر الرئاسي لأردوغان. يقول أبو حذيفة، وهو ناشط سوري، معلقاً على الغوغاء: “لقد تعرضوا لغسيل دماغ”، وقال إنه تعرض للتهديد بالضرب بينما كان يشاهد أعمال الشغب من الشرفة. وبالنسبة للسوريين في جميع أنحاء تركيا، كان الغضب الذي اندلع في ألتنداغ بمثابة تحذير من موسم كراهية للأجانب قادم في المستقبل القريب. يقول ناشطون مدنيون ولاجئون إن تركيا قامت فعلًا بترحيل مئات المهاجرين السوريين على دفعات بهدوء وبلا ضجيج. وقد أدى تصاعد المشاعر المعادية للمهاجرين على مدار العام الماضي في تركيا إلى اعتداءات مميتة على اللاجئين وهجمات على أحياء المهاجرين -وهو تحول خطير بالنسبة لتركيا التي كانت تفخر ذات مرة بأنها ترحب بالسوريين، وتستضيف ما لا يقل عن 4 ملايين من اللاجئين وطالبي اللجوء، أكثر من أي دولة أخرى في العالم. انبثق غضب الجمهور بسبب شعوره بالقلق الناجم عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وعدم الاستقرار بسبب الادعاءات القائلة إن المهاجرين يغيرون هوية تركيا. وقد حرض السياسيون الناس باستخدام خطاب استفزازي أو عنصري للاستفادة من مشاعر القلق من الأجانب في حملاتهم السياسية. الآن، أصبحت تركيا أحدث دولة أوروبية تتصارع مع صعود السياسات المناهضة للمهاجرين، لكن لاجئيها يواجهون أيضًا موجة متفاقمة ودائمة تتعلق مدفوعة بالنزعة القومية التي تفضل بعض المهاجرين -مثل أولئك القادمين من البلقان- على غيرهم، وخاصة القادمين من الشرق الأوسط. تقول أسلي أيدينتاسباس، الزميلة البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن تركيا “تأرجحت في توجهاتها ثم سيطر عليها الاتجاه القومي من جميع النواحي”. وقد كافح الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي سمح لملايين اللاجئين السوريين بالقدوم إلى تركيا، للعثور على طريقة للرد على الغضب، فناوبت حكومته بين الدفاع عن المهاجرين وإقرار لوائح جديدة للحد من تواجدهم. في مواجهة انتخابات حاسمة من المقرر إجراؤها في تركيا العام المقبل، تعهد أردوغان بإعادة مليون سوري إلى وطنهم، وهي سياسة يُنظر إليها على أنها غير عملية وغير قانونية، ولم تفعل سوى القليل لإسكات دعوات خصومه لاتخاذ مزيد من الإجراءات. لإسكات المخاوف من وجود السوريين على جانبي الحدود، قد تكون هناك خطوات أكثر جذرية قادمة على الطريق، بما في ذلك أن أنقرة قد تستعيد العلاقات التي قطعت منذ فترة طويلة مع الرئيس السوري بشار الأسد. وسيكون من شأن مثل هذه الخطوة أن ترضي القوميين الأتراك، الذين يرون أن دعم أردوغان للمعارضة السورية يسهم في أزمة اللاجئين. كانت مشاعر الاستياء عند الأتراك تتصاعد منذ سنوات، وتفاقمت في الصيف الماضي عندما وصلت موجة جديدة من اللاجئين الأفغان إلى حدود تركيا. وتحدد استطلاعات الرأي الآن الهجرة بانتظام باعتبارها المشكلة الأولى أو الثانية الأكثر إلحاحًا التي تواجه الأمة التركية. “نحن كالكلاب في بلدنا”، أمكن سماع رجل تركي يصرخ هذا الشهر داخل ترام في حي السلطان أحمد المليء بالسياح في إسطنبول، في فورة بدا أنها توجه المزاج الوطني. وقد وضع سياسي متطرف يدعى أوميت أوزداغ نفسه في قلب الضجة، مما أدى إلى تضخيم كل جدل يتعلق بالمهاجرين وخلق نزاعات جديدة أثناء سفره في جميع أنحاء البلاد للترويج لحزبه السياسي الجديد المناهض للهجرة. يقول أبو حذيفة، الناشط السوري الذي طلب أن يُشار إليه باسمه المستعار لأسباب تتعلق بالسلامة، إنه سمع آلاف الرسائل المخيفة ليلة الهيجان في ألتنداغ والتي كانت مليئة بالتهديد مثل تلك التي سمعها في الوطن، في محافظة إدلب السورية خلال الحرب. وأخبره أحد السكان الغاضبين بأنه إذا تعرض منزله للهجوم، فإنه سوف يشعل أسطوانة غاز الطهي ويرميها على السوريين. وقالت امرأة إنها كانت خائفة لدرجة أنها تبولت على نفسها. واقترح آخرون تشكيل مجموعات أهلية للرد. وقال أبو حذيفة: “لم أكن أتوقع أن أرى مثل هذا الشيء. في كل بناية هناك أتراك وسوريون. نحن جيران”. اليوم، تحولت بعض المباني في الحي إلى أنقاض فيما تقول الحكومة المحلية إنه مشروع تحسين مخطط له منذ فترة طويلة. ويخشى السوريون أن يكون هذا الإجراء جزءًا من محاولة لتطهيرهم من الحي الذي أطلق عليه اسم “حلب الثانية”. وقال أبو حذيفة إنه خلال العام الماضي، غادر ما يقرب من نصف اللاجئين السوريين البالغ عددهم 60 ألفًا الذين كانوا يعيشون في المنطقة. ويقول أحمد، وهو لاجئ من حلب يبلغ من العمر 27 عامًا جاء إلى تركيا في العام 2016: “الجميع يحبون بلادهم، لكن الظروف هناك مزرية. أريد العودة حقًا. أعرف شخصاً، محمد حيدر، سوري. إنه الآن في سورية في إجازة. لقد مضى على وجوده هناك ستة أشهر”. وكرر: “لقد بقي هناك ستة أشهر في حالة ضياع، مع أن من وجهة نظره هي أن سورية لم تعد خطيرة كما ادعى اللاجئون”. وأضاف أحمد قائلاً: “لقد مر وقت طويل جدًا منذ أن جئنا إلى هنا”. اقرأ المزيد في ترجمات: اضافة اعلان