لماذا كيري قلق من نقل السفارة؟

وزير الخارجية الاميركي جون كيري اثناء خطاب له في واشنطن الخميس الماضي -(ا ف ب)
وزير الخارجية الاميركي جون كيري اثناء خطاب له في واشنطن الخميس الماضي -(ا ف ب)

إسرائيل هيوم

د. رؤوبين باركو  8/1/2017
في تصريح من تصريحات الشيخ عكرمة صبري عندما كان مفتي فلسطين، أعلن أنه يفضل بقاء القدس محتلة بيد اليهود وأن لا يتم تدويلها كجزء من الحل السياسي. وحسب أقواله يمكن للمسلمين تخليص المدينة من اليهود، لكن تحريرها في إطار تدويلها وإعطائها للصليبيين والمسيحيين سيكون أصعب بكثير.اضافة اعلان
موضوع عودة "الاحتلال الصليبي" من خلال اليهود يوجد في أعماق الراديكاليين المسلمين. فبالنسبة لهم عودة المسيحية إلى المدينة، وعودة اليهود بمساعدتها أيضا، إلى عاصمتهم التاريخية الآمنة، هي على حساب رسالة الإسلام ورسالة "خاتم الأنبياء"، التي تلغي ما قبلها.
 التركيبة التي كانت مقبولة عليهم حتى الآن هي استبعاد اليهود من المدينة وإخضاع مصلى كنيسة القيامة لعائلتين إسلاميتين حافظتا على مر الأجيال على مفاتيح الكنيسة وأبقتا للمسيحيين الذين لم يهربوا إلى الشرق الأوسط المجال لفتح الأبواب من أجل الصلاة. ومبدأ ظهور أبناء إسرائيل من جديد وإقامة الدولة وعاصمتها القدس، يشوش الترتيب القائم الى درجة لا يمكن تحملها، لأن اليهود لم يعودوا طائفة دينية متحركة ومطاردة في العالم، وأن غضب الله الأبدي قد وقع عليهم وأن نهايتهم أن يصبحوا مسلمين.
 تهديد "الصليبية اليهودية" خدم كراهية اليهود في الدول الإسلامية، والأكاذيب السياسية أيضا للدول العربية والفلسطينيين، لا سيما عندما كان ذلك يوحدهم الى أن اندلع "الربيع العربي". وحسب مواقف أبو مازن وعكرمة صبري والشيخ القرضاوي ومستشار الرئيس للشؤون الدينية الهباش، فان اعتبار القدس عاصمة اسرائيل يعني انهيار السلام وإعلان الحرب على المسلمين.
 ليس هناك مدينة مقدسة كعاصمة للدول العربية والاسلامية، لكن انشاء عاصمة اسرائيل من جديد "في الأرض المباركة" وبمساعدة المسيحية العالمية من خلال رئيس الولايات المتحدة المنتخب ترامب ومبادرته الى نقل سفارة الولايات المتحدة الى القدس، هو كابوس بالنسبة للمتطرفين الاسلاميين. وحسب رأيهم هذا سيؤدي الى تغيير مكانة المؤمنين المسيحيين واليهود، من وضعهم كرعايا للمسلمين ومصيرهم هو الاختفاء أو اعلان الاسلام، الى أسياد للبلاد. هذا هو سبب نفي المسلمين، خلافا للقرآن، لأي علاقة بين اليهودية وبين الحرم والقدس. وبنفس القدر ينفون شرعية المسيحية التي عمل مؤسسها في الهيكل العبري في القدس. من اللافت كيف أن الدافع الاسلامي الذي يناقض عودة اليهود الى بلادهم، يشبه التيارات الكاثوليكية المستعدة، لأسباب مشابهة، لقبول نظام الاسلام في الاماكن المقدسة شريطة أن لا يعترف بانبعاث اليهود في اسرائيل وفي القدس.
 في هذا المفترق التاريخي ما زال صديقنا جون كيري قلق من أجلنا أكثر من قلقنا على أنفسنا. إنه قلق من قانونية وعد ترامب ومن مشكلة السيادة ومن طابع إسرائيل اليهودي ومن خطر الانفجار الاقليمي ضدنا. ولأنه لا يملك الحس التاريخي أو الرؤية المستقبلية، فان كيري لا يرى الانهيار والعوز والضعف العربي، ولا يرى أن المشكلة الفلسطينية أصبحت هامشية وأنه لم يعد باستطاعة العرب القضاء علينا. فلو استطاعوا لكانوا فعلوا ذلك منذ زمن. ويقول المثل الشعبي "يا الهي احمني من اصدقائي لأنني أحمي نفسي من أعدائي".