لماذا ما تزال هناك أهمية لحرب الأيام الستة؟

إسرائيل هيوم

دوري غولد 8/6/2012

 

في مثل هذا الأسبوع قبل 45 سنة بحسب التقويم الميلادي، حرر الجيش الإسرائيلي مدينة القدس القديمة ووحد عاصمة إسرائيل من جديد. وأكثر المعارك التي وقعت في تلك الايام هي بمنزلة ذكرى أخذت تبتعد. ويصعب اليوم ان نتخيل وضع إسرائيل قُبيل الحرب حينما كان أكثر الجيش الأردني منتشرا على طول الخط الاخضر محدقا بالقدس من ثلاث جهات. في تلك الايام المصيرية كان جيش عراقي يوشك ان يجتاز نهر الأردن ويدخل المعركة. وأطلقت المدافع الأردنية ستة آلاف قذيفة مدفع على الأحياء اليهودية في غرب المدينة فجرحت نحوا من ألف إسرائيلي. وفي النهاية حينما اضطر الجيش الإسرائيلي إلى اجتياز خطوط الهدنة في 1949 واحتلال المناطق التي هددت مواطني إسرائيل، أصبح من الواضح دون أي شك ان الحديث عن خطوة دفاع عن النفس. لهذه التفصيلات أهمية اليوم ايضا. ففي السنين التي مرت منذ كانت حرب الايام الستة ثار في المجتمع الدولي سؤال يتعلق بأصحاب الحق في القدس. ان حقوق الشعب اليهودي التاريخية في القدس ثبتت بالانتداب البريطاني في الحقيقة لكن هذا الامر لم يعد جزءا من الخطاب في الساحة الدولية.اضافة اعلان
كان دخول إسرائيل إلى الاجواء الشرقية من القدس في 1967 نتيجة حرب دفاعية. وفشل الاتحاد السوفييتي مرة بعد اخرى في محاولته ان يُعرف إسرائيل بأنها معتدية في حرب الايام الستة، في مجلس الامن وفي الجمعية العامة للامم المتحدة.
خبير القانون الاميركي العظيم ستيفن شويفل الذي أصبح بعد ذلك رئيس المحكمة الدولية في لاهاي كتب في 1970 يقول: "حينما يكون المستولي الأول على أرض قد استولى عليها بغير موجب القانون يكون للدولة التي تستولي على الأرض بعد ذلك في إطار الدفاع عن النفس القانوني، حق ملكية أقوى من حق المستولي السابق". وأصبح تفسير شويفل يشبه تفسير حقوقيين ذوي شأن من معاصريه مثل الياهو لاوترفاخت من بريطانيا ويوليوس استون من استراليا.
كان من المعتاد على نحو عام مع انتهاء الحروب الحديثة حصر الجهد الدبلوماسي في إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب. ونشأت في حال القدس مشكلة في الأنفاذ الآلي لهذا المبدأ.
اذا احتسبنا الفشل المطلق للامم المتحدة في 1948 في الدفاع عن القدس فان مادة التدويل في خطة التقسيم لم تعد امكانية عملية برغم انه تم بحثها في الامم المتحدة في خمسينيات القرن الماضي. وأعلن رئيس الوزراء دافيد بن غوريون في الكنيست في سنة 1949 ان مواد خطة التقسيم التي تتناول القدس باطلة مُلغاة.
بعد حرب الأيام الستة حينما اجتمع مجلس الامن لبحث مبادئ تسوية سياسية في المستقبل كان هناك قدر ما من التجاذب، وأُثير البُعد المناطقي ولا سيما فيما يتعلق بالقدس. ولم تكن الخطوط التي سبقت حرب 1967 مقدسة ولم يتم الاعتراف بأنها حدود دولية بل خطوط هدنة فقط أعلمت المكان الذي وقفت فيه القوات المتحاربة مع انتهاء حرب التحرير. ولهذا حينما أجاز مجلس الامن القرار 242 رفض طلب الاتحاد السوفييتي، وامتنع عن دعوة إسرائيل إلى الانسحاب من "كامل الاراضي" التي احتلتها في الحرب. ودعا بدل ذلك إلى انشاء حدود جديدة تكون "معترفا بها وآمنة".
ان القرار 242 فضلا عن انه لم يدعُ إلى انسحاب إلى خطوط 1967، لم يتناول القدس قط. وفي السادس من آذار 1980 أوضح من كان السفير الاميركي إلى الامم المتحدة اثناء النقاش في القرار 242، وهو آرثر غولدبرغ، في رسالة إلى أسرة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" ان "القرار 242 لا يتناول القدس ألبتة وأن هذا الحذف كان متعمدا".
وتطرق غولدبرغ إلى هذا الشأن في فرص كثيرة وعرض التوجه الأصلي الذي التزمت به ادارة الرئيس لندون جونسون، وأوضح غولدبرغ في رسالته قائلا: "لم أتطرق في أي واحدة من خطبي إلى شرقي القدس باعتباره ارضا محتلة". وأصر على ان "خطوط الهدنة التي قسمت القدس فقدت نفاذها". وفهم غولدبرغ فهما عميقا جميع آثار كلامه القانونية لأنه كان يعمل قاضيا في المحكمة العليا في الولايات المتحدة قبل ان يُعين لمنصبه في الامم المتحدة.
منذ 1988 تولى الفلسطينيون الدبلوماسية وجهدوا لذلك على الدوام للحصول على اعتراف بمكانتهم في القدس. وبدأوا محاولات ان يُدخلوا في خطاب الامم المتحدة مصطلحات مثل "أراض فلسطينية محتلة منها شرقي القدس"، عن قصد إلى أضعاف حقوق إسرائيل. وفي 1994 صدت إدارة كلينتون في حزم هذه المحاولات حينما فسرت السفيرة إلى الامم المتحدة مادلين اولبرايت استعمال النقض الاميركي في مجلس الامن بقولها: "نحن نصوت اليوم معترضين على القرار لأنه يُفهم منه بالضبط ان القدس ارض فلسطينية محتلة".