لماذا نخاف من قانون المالكين؟

أقرّ مجلس الأعيان مؤخراً تعديلات على قانون المالكين والمستأجرين رغم المخاوف التي أبداها ممثلون عن مستأجري العقارات بهدف السكن أو العمل، وكان إجماعهم بأن المشكلة لم تُحل بل تم ترحيلها والواقع أن للقضية أبعادا أكثر بكثير من الحوار القائم.

اضافة اعلان

المخاوف والتخوف في محله، ففي بلد كالأردن حيث تبلغ نسبة الأردنيين المشتغلين الذين تقل رواتبهم عن 300 دينار شهرياً 85% من كافة العاملين، وتُشكّل نسبة من هم قريبون من خط الفقر 30% من السكان، ويصل التضخم فيه في عام إلى 21% ثم يهبط إلى السالب بعد شهور، لا بد وأن تكون لتعديلات على قانون المستأجرين أبعاد اقتصادية واجتماعية قاسية.

فعدد عقود الإيجار السكنية يفوق 230 ألف عقد إيجار، منها 70 ألف عقد إيجار فقط تمت قبل سنة 2000 حين صدر قانون المالكين والمستأجرين رقم 30 لسنة 2000 ليضع لأول مرّة منذ خمسين عاما مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين لأي عقد إيجار يتم بعد سنة 2000، حيث اتجاه غالبية السكان نحو التملّك خوفاً من تحكم مالكي العقار.

وإذا احتسبنا أن ربع الأسر الأردنية تسكن في بيوت مستأجرة، وأن 7% فقط من الأسر (400,000 مواطن) ستتأثر بتعديلات القانون الجديد، فإن ترحيل المشكلة لا يعني حلّها بل تقسيمها إلى مراحل، ما يعني أن وطأتها على الأسر لن تذهب، بل ستكون على دفعات بدلاً من موجة عارمة، وهذا جيد بالنسبة لصانعي السياسات، ولكن من سيعوّض المتضررين من القانون؟ من سيمكّنهم من الحصول على مسكن بديل بإيجار يتناسب مع مداخيلهم؟ السؤال ليس لذاته بل لمدلولات أكبر بكثير، فمن الملاحظ أن الحكومة والبرلمان يناقشان كل قانون على حدة وبمعزل عن التشريعات الأخرى وبغياب الرؤية الشمولية. ولهذا شاهدنا كيف عادت وزارة المالية وفصلت قانون الضريبة الموحد إلى أربعة قوانين لكي تتفادى الفكر الشمولي وإحساس المواطن بوطئه الضريبي فيسهل تمرير كل من هذه القوانين على حدة بعد أن كانت تفاخر بأن أحد انجازات القانون المقترح هو جمع القوانين في قانون واحد، غير أنها باءت بالفشل لأن الشعب والبرلمان كانا قد تنبها إلى ذلك من خلال النص الأصلي الموحد.

وأيضاً بالنسبة لقانون المالكين والمستأجرين، لماذا لم توضع الحلول لمشكلة المستأجرين تجارا وقاطني مساكن من خلال قوانين أخرى وإجراءات خارج القانون كتفعيل قانون التأجير التمويلي وإصلاح نواقصه؟.

فلماذا لم توضع على سبيل المثال تسهيلات للراغبين في تملّك البيوت لأول مرة كتخفيض إو إزالة الرسوم عنها ومنحهم تسهيلات وقروض طويلة الأمد (لمدة 30 عاماً مثلاً)؟ ولماذا لم يتم الضغط على البنوك لتخفيض الفوائد لهؤلاء؟ وغيرها من الحلول والإجراءات التي هي من وظيفة الحكومة المسؤولة للشعب.

كل هذه كانت وما تزال حلولا ممكنة تمكن المستأجر من الحصول على بدائل وخيارات تحسن من موقعه التفاوضي مع مالكي العقارات.

وحين جاءت الحلول، كانت مقصورة على التفكير ضمن التشريع ذاته وليس من خلال منظومة وإجراءات متكاملة في بلد به مئات الإجراءات والتشريعات، ولا تعوزه الخبرات بينما تفتقر الحكومة لها، لأنها تعاقب من لا يسير في سربها ويقول "نعم سيدي" دائما في زمن يُعاني فيه الاقتصاد والمواطن من شُح السيولة وضعف النشاط الاقتصادي وتباطئه، وفي بلد صنع فيه تقاعس الأداء الحكومي أزمة سيولة حدت بالبعض أن يعتقد بأننا أصبحنا شركاء في الأزمة العالمية وتوابعها وفي الواقع نحن صنعنا أزمتنا بغياب الخبرة والفكر الاستراتيجي المحنك. هذه دلالات التعديل برأيي المتواضع، والسلام.