لماذا نصمت على المجزرة؟!

المجزرة التي حدثت مساء أمس لفلذات أكبادنا لا بد أن تتحمل مسؤوليتها جهة ما، وهي التي سمحت بأن يتم تنظيم هذه الرحلة المدرسية رغم التحذيرات المتكررة من الأرصاد الجوية من خطورة تشكل السيول ومن الغبار والضباب وغيرها من المخاطر.اضافة اعلان
في جميع الحوادث البشعة التي قصمت قلوب الأمهات والآباء والأبناء، يتم دائما "لفلفة" الموضوع، وينتهي الأمر من دون أن ندري من المسؤول تماما عن هذه المجزرة أو تلك. في قضايا الفساد يحصل الأمر عينه، وفي لجان التحقيق حول أي أمر؛ يبدأ الأمر وينتهي ولا يعرف المواطن ما الذي حصل بالضبط، ولا من هو المسؤول عن مصائبنا ونكباتنا، وكأن الجناة يكونون دائما من عالم الأشباح!
منذ أكثر من يومين، كثفت دائرة الأرصاد الجوية من تحذيراتها حول طقس يوم الخميس، مؤكدة أن هناك منخفضا جويا يشتمل على أمطار غزيرة، محذرة من تشكل السيول، خصوصا في المناطق الجبلية والمفتوحة.
ومع ذلك فإن إدارة المدرسة التي نكب طلبتها، لم تأخذ تلك التحذيرات بالاعتبار، وقررت تنظيم رحلة لطلبتها لكي تسلمهم للموت المحتم، في واحدة من أكبر الكوارث التي مُنِيَ بها بلدنا خلال فترة طويلة.
من يطلع على الكيفية التي تدار بها كثير من المدارس، سوف يعرف لماذا كان إصرار المدرسة على تنظيم هذه الرحلة المشؤومة، فرسوم الرحلات مرتفع جدا، ما يشكل ربحا آخر ينضاف إلى ما يقطعونه من لحم الأهالي الطامحين في تزويد أبنائهم بدراسة جيدة، وغالبا لا يحصلون عليها!
الأردن جميعه، عاش مساء أمس حزنا كبيرا، وإحساسا بالفجيعة بعد الإعلان عن مداهمة السيول لحافلة الطلبة في منطقة البحر الميت بسبب الأمطار الغزيرة. كلنا شعرنا بالفجيعة، وفكرنا في حال الأسر المفجوعة التي نكبت بفقدان أبنائها بسبب الجشع الذي تدار به المدارس.
حتى الآن، وقت كتابتي لمقالي هذا، لا يعرف رقم الوفيات بالتحديد، فهو مفتوح ويتزايد كل بضع دقائق، ولكن الثابت حتى الآن هو 7 وفيات، وعشرات المفقودين.
وفي الوقت الذي لا بد من لجنة تحقيق حقيقية وعادلة وصارمة في هذه المجزرة الأليمة، فلا بد، أيضا، من أن نقدم شكرنا لجميع الأجهزة المدنية والعسكرية التي تحركت فورا إلى الموقع، وبذلت كل ما في وسعها بعمليات الإنقاذ، في ظل ظروف جوية غاية في السوء.
الصمت ليس خيارا. فرغم الثمن الفادح الذي دفعناه في هذه المجزرة، إلا أنه يتوجب علينا أن  نضع نقطة في آخر صفحة فواجعنا، من أجل أن نحمي أبناءنا من مصير مشابه لهذه الرحلة - المجزرة!