لماذا يكرهنا السوريون؟

في التعليقات التي سبقت مباراة الأردن وسورية، هطلت علينا عشرات آلاف التعليقات السلبية في صفحات الاشقاء السوريين، التي تتوعد الأردن، وتتمنى له الهزيمة في مباراة كرة قدم، ووراء الكلام، تعبيرات توحي بالثأرية، ومشاعر كراهية، خصوصا، في صفحات السوريين المقيمين في سورية وليس خارجها.اضافة اعلان
هذه الموجة من الجراد الالكتروني، أثارت ردود فعل واسعة في الأردن، وقد تكون هناك تعليقات أيضا من جانب قلة اردنية، حملت ردا على الكلام السابق، وتصويرا سيئا لنتيجة المباراة باعتبارها انتقاما من بلد لعب مع بلد، او دولة كاسرت دولة في مباراة، هذا على الرغم من ان كل القصة مباراة كرة قدم بين منتخبين، ليس أكثر، فلا الأردن ولا سورية، يمكن توصيفهما بالمهزومين، يوما ما.
مصطفى الأغا المذيع في قناة العربية، دخل على الخط معلقا بطريقة سيئة أيضا، بدلا من حصر كل القصة بكونها مباراة بين منتخبين عربيين، أيهما فاز، فوزه فوز للكل - لو كانت الدنيا طبيعية - بدلا من هذا التشظي القومي، ما أثار ردود فعل كثيرة، في الأردن، خصوصا، وأن الأغا تورط في تجريح الأردنيين.
اللافت للانتباه هنا، أن هناك مصدرين للكراهية، بين الاشقاء السوريين، أولهما بين السوريين الذين يتبعون النظام السوري، وهؤلاء يعتقدون جازمين أننا دعمنا الفوضى السورية، بوسائل مختلفة، وكنا جسرا لقوى عديدة، حاولت إسقاط النظام السوري، وهؤلاء كانوا يعتبرون ان هزيمة المنتخب الأردني في مباراة- ولا نقول هزيمة الأردن- لأن قدره بإذن الله ان يبقى حاضراً، مطلب لجماعة النظام، من باب الثأر وتصفية الحسابات التي يظنون ان تصفيتها ممكنة في ملعب كرة قدم.
هذا الفريق السوري نرى تجلياته أيضا في السياسة والاعلام، وليس حكرا على الرياضة، وهو فريق جاهل، يظن أنه يتملق نظامه بالإساءة الى بلد عربي، وقف الى جانب ضحايا الحرب في هذا البلد، متناسيا أن بيننا ما يزيد عن مليون شقيق سوري، إن لم يكن اكثر، البيت بيتهم، ونحن أهلهم.
الفريق الثاني الذي يحمل مشاعر سلبية تجاه الأردن، تختلط ما بين العتب او الغضب او الكراهية في حالات معينة، يرتبط بمشاعر الاشقاء السوريين في الأردن الذين خرجوا بسبب الحرب، وهؤلاء لديهم قناعات راسخة أن الأردن يجمع المال على ظهورهم، ويتكسب دوليا بسبب وجودهم، ولا يمنحهم أي حق، وانه لا يعاملهم بطريقة لائقة، وأن بعضهم يعيش في المخيمات، او في ظروف صعبة في مدن الأردن، وسط نقد على ألسن الأردنيين لحكوماتهم التي سمحت بتدفق الاشقاء، فيعتقد السوريون هنا، أننا لا نطيق وجودهم، ونتطاول عليهم.
يظن السوريون هنا، أن الأردنيين يكرهونهم، وهذا غير صحيح، ابدا، لأن كل القصة تتعلق بضيق الحال الذي يعاني منه الأردنيون أساسا، ولم نسمع أيضا، عن أردني واحد اعتدى على سوري او على عائلته، بل لربما يعرف الاشقاء ان الأردني الغاضب من اغراق البلد ديموغرافيا، هو ذاته الذي يمنحه وظيفة للعمل، ويؤجره عقارا، فوق النسب والدم والجيرة، والصلات التاريخية.
حساسية السوريين هنا تجاه اللجوء مفهومة، فهم أولا يتحسسون من مصطلح "لاجئ" على الرغم من انه تعريف قانوني، يطلق أيضا على السوري الذي ينتقل مثلا من حمص الى حماة، وليس بالضرورة خارج سورية، إضافة الى ان لا لجوء من طراز خمسة نجوم في هذه الدنيا، لأن اللجوء بحد ذاته يعني حماية اللاجئ وعائلته، في دمه وعرضه، وتأمين الحد الأدنى له من الحياة، ولا يمكن ان يلام الأردن هنا، على ضيق ظروفه، ولا تصديق قصة تكسب الأردن على ظهر السوريين، وجمع المال، وهم يرون بأعينهم التراجعات التي يعانيها الأردنيون، فماذا يتوقع السوريون من بلد فقير، يكفيه همه وهمومه!.
لا يجوز نهاية مس الأردن، الذي وقف الى جانب الشعوب المبتلاة في فلسطين وسورية والعراق واليمن وكل مكان، ولم يخرج إلا بلاذع الكلام من بعض هؤلاء، لا جميعهم، هذا على الرغم من أن بعض أبناء هذه الشعوب، لم تمنحهم دولهم حتى حق نقد جاراتهم او عماتهم، لكننا اردنيا، يتم نقدنا على كل المستويات.
نحن لا نكرههم ولن نكرههم أيضا، فهل يكره المرء نفسه..هذا هو السؤال؟!