"لما بنتولد".. دراما غنائية تعالج مواضيع جريئة بسلاسة

إسراء الردايدة

عمان- بين واقع شباب صعب ورمانسية حالمة تتخللها أغان تعبر عن واقع معاناة الشباب الذين يكافحون للعيش، ولتحقيق أحلامهم، يأتي فيلم المخرج المصري تامر عزت "لما بنتولد" ليعيد مرة أخرى الراوي وثقافته من جديد للشاشة.اضافة اعلان
وكان العرض العالمي الأول لـ"لما بنتولد" ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الجونة خارج إطار المسابقة الرسمية للمهرجان التي لم تتضمن أي فيلم مصري من بطولة جماعية تضم عدداً من الفنانين الشباب منهم؛ عمرو عابد، أمير عيد، محمد حاتم، ابتهال الصريطي، سلمى حسن، بسنت شوقي، بالإضافة إلى دانا حمدان.
الأحداث تقع في ثلاثة خطوط درامية، لثلاث شخصيات كل واحدة منها تنتمي لطبقة اجتماعية مختلفة، لكنها كلها تتشارك في نقطة اصطدام الواقع بالأحلام، والمحظور المرتبط بما تفرضه الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحكومة بما تختبره كل شخصية.
يتناول الفيلم ثلاث قصص متقاطعة تنتمي شخصياتها إلى طبقات اجتماعية مختلفة تشترك جميعها في أزمة الاصطدام بحائط الممنوع والمحظور الذي تفرضه الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فتخوض كل شخصية اختبارها الخاص.
الرابط الجامع للقصص الثلاث هو تعرض كل واحد من الشخصيات للسقوط في الحضيض وسط بحثهم عن آمال قد تكون مستحيلة تقودهم للوقوع في المحظور، ففي القصة الأولى مدرب رياضي "أمين" لعب الدور الممثل عمرو عابد الذي يعيش في منطقة شعبية، يعمل في صالات اللياقة البدنية، راتبه بالكاد يكفي لسد رمق عيش زوجته التي تحلم بشقة خاصة بهما، وطلبات أخيه المستمرة على مقاعد الدراسة، وأمه وجده المصاب بالزهايمر، وجميعهم يعيشون في شقة صغيرة.
ويقع أمين في براثن سيدة تجعله رجلا يبيع نفسه للنساء مقابل المال، ليحقق أحلام عائلته الصغيرة في عيش أفضل، لكنه في الوقت ذاته يفقد نفسه، ويتوه، فلا يجد مخرجا بين العودة عن الطريق أو الاستمرار به، بعد أن أمن لعائلته ما تحتاج.
بينما القصة الثانية، وقوع فتاة مسيحية عايدة "ابتهال الصريطي" من الطبقة المتوسطة في حب شاب مسلم، تحد آخر للعادات والمجتمع، فالأفكار لكل منهما من وحي عالم الأفلام، والتي لم يغص المخرج كثيرا بها، فكانت رؤيته الدرامية عرضية ناقصة لم تكتمل.
فيما الحكاية الأخيرة لشاب غني وهو أحمد "أمير عيد" الذي يهوى الموسيقى، لكن والده يرفض حلمه، لأنه يرى فيه الوريث الوحيد للمصنع والثروة وما يملك، بين رغبات الابن والأب صراع آخر، لا يتجاوز الصورة النمطية للحبكة نفسها التي تكررت في أعمال مختلفة.
ولكن، أحمد هو نفسه الراوي في الفيلم الذي يروي كل القصص، حيث الموسيقى تلعب دورا مؤثرا في الأحداث، من خلال وجود تسع أغان من تأليف وغناء أمير عيد، وهو عضو في فرقة كايروكي، وأغانيه عادة تعبر عن جيله.
ومن أول مشهد ينطلق الفيلم بأغنية تعبر عن الحلم ومرارة الواقع، وتتغير بين كل فاصل في بعض المشاهد، فتصبح الموسيقى رفيقا للمشاهد، وتمنح الفيلم بعدا موسيقيا ورمانسيا ربما، على الرغم من صعوبة الأوضاع.
فتعبر تلك الموسيقى تارة عما لا ينطق به الممثلون، وتارة أخرى تمثل التغييرات التي تطرأ في الأحداث وعلى الشخصية نفسها.
واختار المخرج تامر عزت النهاية مفتوحة للقصص الثلاث، التي اختتمت بأغنية تقول كلماتها "لما بنتولد، بتتولد معانا حاجات، حوالينا ومكتوبة علينا، زي اسمك في شهادة ميلاد، زي الخوف وظروف، وحلمك المقفول عليه بألف باب".
جرأة ولكن
واجه الفيلم حين عرض في مهرجان الجونة السينمائي اتهامات لجرأته في بعض المشاهد، لكن الجرأة هنا أمر نسبي، فما يبدو جريئا لأحدهم يختلف معياره للآخر
المخرج تامر عزت تبنى نص الفيلم الذي كتبته نادين شمس قبل وفاتها ببضعة أيام، فالمشاهد التي تحمل جرأة خاصة للمدرب والنساء اللاتي يدفعن له مقابل خدمات يقوم بها خلت من الابتذال.
والأمر نفسه ينطبق على قصة الحب التي تجمع بين فتاة مسيحية وشاب مسلم، فالحب المحرم الذي يرفض المجتمع الخوض فيه جاء طرحه بواقعية بحتة، تجمع وجهات النظر كاملة، بين الأطراف المتورطة وتحليل المحيط، خاصة أن أغلب هذه القصص تنتهي بالفشل أو في طريق صعب، لكن المخرج عزت ترك النهاية مفتوحة بأن البطلة وقعت في خيارين كل واحد منهما أصعب وأقسى من الآخر، فبين أن تكون منبوذة من أهلها وطائفتها لزواجها من رجل خارج ملتها، وبين أن تختار الحب فتدفع ثمنا كبيرا طيلة حياتها مع العواقب التي تترتب على هذا، فكان من الصعب أن يرسم نهاية واضحة.
وهنا هذه التابوهات تم التعامل معها ببساطة وواقعية، من وحي شخصيات تعيش بيننا، وقصص تتكرر في حياتنا اليومية، والتي تم التعبير عنها بسلاسة.
"لما بنتولد"، يحاول التطرق لواقع ما يعاينه أبناء الطبقات في المجتمع المصري، ربما بطريقة رومانسية وإن بقيت النهايات مفتوحة على المجهول، بقالب فيلم درامي غنائي قد يلاقي قبولا كبيرا في دور العرض التي طرح فيها مؤخرا، لا سيما بين الشباب.