لمحاربة القاعدة، يحتاج اليمن إلى المساعدات وليس العمل العسكري

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

جوناثان ستيل - (الغارديان) 29/4/2012

بطريقة مخفية تقريباً على الخارجيين، تخوض الولايات المتحدة الآن حرباً جديدة في الشرق الأوسط، آخذة في النمو من حيث حدتها ومن حيث خروجها من نطاق السيطرة الأميركية عليها. وفي الأثناء، استطاعت منظمة القاعدة في شبه الجزيرة العربية تمديد وصولها، على نحو ضخم، في عموم جنوبي اليمن في الشهور الأخيرة بعد أن طردت القوات الحكومية من عدة بلدات. وقال لي دبلوماسي عربي في صنعاء، العاصمة اليمنية: "لأول مرة في التاريخ، تبسط القاعدة سيطرتها على أراضٍ". وأضاف: "قبل عام كانت أعدادهم لا تتجاوز العشرات، وكانوا مسلحين بأسلحة خفيفة ومبعثرين هنا وهناك. لكنهم أصبحوا حالياً بالآلاف ولديهم دبابات وأسلحة ثقيلة".اضافة اعلان
وتجدر الإشارة إلى أن التسلح الجديد للتنظيم يأتي نتيجة للتغلب على القوات الحكومية وقواعدها ومصادرة ما فيها. ففي جعار، البلدة الواقعة في أبين، المحافظة التي تحد المدينة الميناء عدن، شكل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قوة شرطة، وهو يدير القضاء هناك بعد فرار الشرطة الرسمية. كما أرسل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية فرقاً لاغتيال مسؤولين أو لخطف وقتل الأجانب في عموم البلد. وكان نائب القنصل السعودي قد اختطف في عدن في الشهر الماضي. كما أن مدير الأمن المحلي في حضرموت احتجز قبل أسبوعين. ويجري استهداف الأجانب، في الأثناء، في غربي اليمن بعيداً عن المناطق شبه الصحراوية في الجنوب، حيث بدأ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نشاطه.
إلى ذلك، تقول مصادر أمنية إن مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية يضمون سعوديين وصوماليين وباكستانيين ينطوون على خبرة سابقة من القتال في أفغانستان. لكن تمدد التنظيم يعتمد على قدرته في تجنيد المواطنين المحليين. وقال الدبلوماسي العربي: "إنهم يتعاملون بذكاء. وقد وظفوا في جهود التجنيد مكامن الآلام المحلية، وليس الخطاب الجهادي وحسب".
والآن، بعد عقدين من توحيد جنوب اليمن المستقل تقليدياً مع الشمال، تتصاعد المشاعر الانفصالية في الجنوب. ويقول الجنوبيون إن القليل من أموال التنمية جاءت إلى المنطقة، بينما يجري تفضيل الشماليين بمنحهم الأذونات لإدارة الأعمال أو لشراء الأراضي في الجنوب. إلى ذلك، تكسب الحركة الانفصالية، "الحراك الجنوبي"، التي تنشط منذ عدة أعوام، أرضية جديدة بينما يسعى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية للتنافس عبر استخدام نفس مواطن الشكوى من التهميش.
وفي الأثناء، تعول وسائل الإعلام اليمنية وبشكل كبير على المصادر الحكومية لاستقاء المعلومات حول الحرب الخفية المذكورة. وهي تدعي بأن الجيش يرد على القتال جيداً، لكن عدد الأماكن التي تردد أن الاشتباكات قد وقعت فيها آخذ في الاتساع. ولعل مما ينطوي على أكثر المعاني والدلالات، هو أن المسؤولين في واشنطن كشفوا النقاب عن أن إدارة أوباما تخطط لزيادة هجمات الطائرات من دون طيار على الأهداف اليمنية، والتي تنطلق فيها من مواقع سرية في المنطقة. إلى ذلك، ذكر أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) سعت للحصول على إذن من الرئيس الجديد في اليمن، عبد الرب منصور هادي، للسماح بتوجيه ضربات الطائرات من دون طيار حتى عندما لا تكون الأهداف مرتبطة، بوضوح، بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وإذا تم هذا التغيير في التكتيكات، فستتبع الولايات المتحدة نفس النموذج الكارثي الذي كان قد مني بالفشل عند انتهاجه في شمال غرب الباكستان، حيث أفضى قتل المدنيين من جانب الطائرات من دون طيار إلى تحييد الحكومة المركزية والناس المحليين وإثارة غضبهم، وساعد القاعدة في تجنيد المزيد من الداعمين.
ويعزو بعض المراقبين ارتقاء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى الاضطراب السياسي الذي كانت البلاد قد شهدته في العام الماضي، وهو ما أجبر الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على ترك منصبه. وبينما أفضى اندلاع الاحتجاجات الواسعة والمظاهرات الضخمة التي عمت الشوارع في عدة مدن يمنية قبل مغادرة صالح إلى السماح بظهور كل أنواع المعاناة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وشجعت المجموعات الجديدة على الضغط من أجل المزيد من التغيير، فإنه سيكون من الحمق محاولة قمعهم ثانية.
يبقى تزايد نشاط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عنصراً واحداً وحسب في طيف الثورة في اليمن. وكما هو الحال مع أي حالة تمرد، فإن أفضل استجابة لا تكمن في التدخل العسكري الأجنبي أو المحلي، وإنما من خلال معالجة حالات الظلم والفقر القابعين في جذور المشكلة. وفي آذار (مارس) الماضي، أورد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن مستويات انعدام الأمن الغذائي في اليمن تضاعفت منذ العام 2009، حيث تعاني نسبة تبلغ حوالي 45 % من مواطني البلاد من نقص الغذاء. ومع ذلك، لم يتم سوى تمويل ما نسبة 15 % من مطالب التماسات البرنامج السابقة. وسيكون من الأفضل بكثير للولايات المتحدة تعبئة فجوة المساعدات بدلاً من هدر المزيد من دولارات دافعي الضرائب على الطائرات من دون طيار، والتي يرجح أن تكون عملياتها ذات النتائج العكسية.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
To fight al-Qaida ,Yemen needs aid not more military action