"لمّة الجمعة" عادة عائلية جميلة لكسر الروتين

تجمع العائلة ينشر الحب والود بين أفرادها -  (أرشيفية)
تجمع العائلة ينشر الحب والود بين أفرادها - (أرشيفية)

ديما محبوبه

عمان- يمتاز يوم الجمعة بنكهة خاصة لا يمكن إغفالها، خصوصا في المجتمع الأردني بطبقاته الاجتماعية كافة. فرغم سرعة وتيرة الحياة، إلا أن معظم الناس يحافظون على قدسية هذا اليوم، ولم يتخلوا عن اللمات العائلية فيه.اضافة اعلان
ينتظر الثلاثيني خلدون النابلسي نهاية الأسبوع ليذهب مع زوجته وأطفاله إلى بيت أهله، للاطمئنان على والديه وإخوته، والالتقاء بكامل أفراد العائلة.
ويضيف أن يوم الجمعة هو يوم مميز في حياته، فهو اجتماع عائلي لمناقشة أمور الحياة، وتناول الطعام اللذيذ من يد والدته. وهو يشعر أنه في هذا اليوم يتقارب أبناء العمومة ويمرحون، وتلتقي زوجته مع أهله، فيعم الود المكان، ويملأ كل أفراد العائلة.
ويرى بعض الناس أن من أهم ما يجمع العائلة الأطباق الغذائية التي تصنع لأجل اللمّة، كي يستمتعوا بتناولوها في طقس اجتماعي حميم.
ومن هذه الأطباق ما يحتاج إلى أن يتشارك أشخاص عدة في إعدادها، وتحديدا النساء، كورق العنب، والكوسا، وكذلك المنسف والمقلوبة والمسخن، وجميعها مأكولات تحتاج إلى عدد من الأفراد لتناولها.
وهناك عائلات تستغل حلول طقس لطيف لكسر روتينها، وتغيير الأجواء، من خلال تنظيم رحلات عائلية، أو من خلال التجمع في بيت أحد أفراد العائلة في كل يوم جمعة.
يقول أبوعون إنه اتفق مع ذويه وإخوانه على أن يصبغوا على كل جمعة، نكهة خاصة، حتى يكسروا روتين الحياة، من خلال التجمع في منزل العائلة الكبير، ويدخلوا البهجة إلى قلب كل فرد من أفراد العائلة.
ويقول "وعندما يكون الطقس لطيفا، نرتب رحلة يوم الجمعة لأماكن مختلفة، ولا نحصر اللمة في منزل واحد بل كل مرة نلتقي في منزل أحدهم".
ويبين اختصاصي علم النفس السلوكي، الدكتور خليل أبوزناد، أن نسبة كبيرة من المواطنين ينتظرون حلول طقس معتدل ولطيف للخروج في رحلات ترفيهية، لما لها من تأثير إيجابي في تحسين المزاج، وتجديد الطاقة النفسية الضرورية للاستمرار في العمل بجد ونشاط بعد العودة من الرحلة.
ويؤكد أن كسر الروتين في حد ذاته يسهم في نشر الحب والود بين أفراد العائلة، ويراكم ذكريات جميلة بين أولاد العمومة والأجداد.
ويؤكد د.خليل أبوزناد، أن الخروج والتآلف مع الطبيعة والخضرة والمياه والأزهار يجعل الراحة والهدوء والسعادة رفيقة الجلسة، ويغير أمزجة الناس، خصوصا أن وتيرة الحياة وسرعتها، وكثرة الضغوط والأعباء تجعل الجميع بحاجة مستمرة إلى كسر الروتين، والعودة للبساطة والمرح والفرح.
ولا تنكر زوجة خلدون "أن بيت العائلة هو الأصل والملاذ لجميع أفراد الأسرة، وأن يوم الجمعة يظل مرتبطا بالتجمع العائلي فيه. وتضيف أن لكسر الروتين وتغيير المكان والزمان نكهتهما الخاصة، فالتقاء العائلة في رحلة طوال يوم الجمعة لمكان جميل ومريح سيغير نفسية الجميع ويحسن من مزاجهم".
وفي هذا الشأن، يبين الخبير الاقتصادي، حسام عايش، أن نسبة كبيرة من الأسر الأردنية تفتقد إلى إمكانية الحصول على الترفيه، بسبب الأعباء والالتزامات المختلفة، وبسبب الضائقة الاقتصادية التي كثيرا ما تثقل كاهل العائلات، وتحول دونها وتحقق قسطا من الراحة والاستجمام من خلال الرحلات.
ويوضح أن منزل العائلة هو المكان الترفيهي شبه الوحيد الذي تقضي فيه الأسرة الأردنية معظم وقتها يوم الراحة والعطل "الجمعة"، لكن البعض يعمل على كسر هذا الروتين والتغاضي عن تكاليف الرحلة المرهقة، وتقاسم المصاريف بين أفراد العائلة، للتجمع في مكان جميل، أو القيام برحلة ترفيهية، للهروب من الأجواء الروتينية المملة.
ويبين الجد أبوفيصل أن تجمع الأبناء والأحفاد في بيت العائلة، وبخاصة يوم الجمعة، أمر طيب ومفيد، "لقد أصبحت هذه عادة عائلية، ومن المراسم التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث تعمّ بهجة الأطفال، وفرحة الإخوة وزوجاتهم".
ويبين اختصاصي علم الاجتماع، د.محمد جريبيع، أهمية الحفاظ على هذه العادة الجميلة، وهي اللمة العائلية في يوم الجمعة؛ إذ إنها فرصة للتواصل الاجتماعي والحفاظ على الود والاحترام، وتعرّف الأحفاد على بعضهم بعضا.
ولا ضير، في رأيه، من جعل هذا اليوم فرصة لتبادل الزيارات الاجتماعية؛ إذ إن كثيرا من العائلات بسبب كثرة المشاغل وطغيان التكنولوجيا لا تجد وقتا للتواصل، فيكون يوم الجمعة فرصة غنية لزيادة الروابط الاجتماعية.