لم تعد تنفع بساطتنا؟!

ما نزال نعيش على بساطتنا، فحين نمشي ويفعلها أحد العصافير من فوقنا لا إراديا على رؤوسنا، لانغضب ولانثور، بل على العكس نفرح لأن لدينا اعتقادا سائدا أن ما سقط علينا من مخلفات الطير ما هو إلا بشرى بأن هناك (رزقة) في الطريق. ونحن الشعب الوحيد على هذه الأرض الذي يعتبر سكب القهوة عفويا على الملابس ليس له دلالة إلا (الخير)، وإذا ما دخلت (فراشة) إلى منازلنا نفرح ونغني ونعتقد أن دخول (الفراشة) ليس له معنى إلا أن (فرحا) قريبا سيدخل بيوتنا، وحين كانت تنكسر (كاسة) الشاي أو أي من أدوات المنزل نقول؛ إن ( الشر ) انكسر! اضافة اعلان
هي قلوبنا الطيبة، وصفاء نفوسنا، ما جعلنا دائما ننتج الفرح والسعادة والرزق من مخلفات العصافير وسكب القهوة والفراشات، ولم نكن نتشاءم أبدا من أي شيء بل على العكس نجعل منه فأل (خير)!
لولا لطف رب العالمين، ويقظة الأجهزة الأمنية لكنا على موعد جديد مع الوجع والألم والدم. خلية إرهابية كانت تعد العدة لأن تضرب استقرارنا وأمننا. وباعتقادي الشخصي أن الخلية الإرهابية هي (نسخة صينية) من داعش ومن أردأ أنواعها؛ فحين يتجمع هذا العدد الكبير في مكان واحد سيثير بكل تأكيد الشك والفضول. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنهم طلاب (كي جي1) في الإرهاب، ومعرفتهم بالتخطيط للإرهاب مثل معرفة جدتي بتطبيقات الآي فون!
انتهت العملية، والدرس الأهم المستفاد منها هو طيبة الناس في أحيائنا الشعبية وعدم إدراكهم للخطر الذي يهدد الأردن. وحين سمعنا روايات هؤلاء الناس عن أفراد الخلية وأنهم لم يثيروا الشك أبدا وهم يعيشون بينهم، فهؤلاء إرهابيون وليسوا فراشات أو عصافير لنتفاءل بوجودهم!
من هنا علينا جميعا أن نتنبه لهذه الجزئية المهمة، فحين يسكن هذا العدد الكبير وحدهم، دون وجود مصنع ألبان أو مشروع بناء أو جامعة ليكون سبب تجمعهم العمل، ولا يثير ذلك شك الناس؛ هنا نخاف ونرتعب من طيبتنا، ويجب أن يكون ذلك درس لنا، والتبليغ الفوري عن مثل هذه التجمعات الفردية أو من يثير الشك، والدولة أيضا مسؤولة بعدم السماح لأي أفراد بالسكن كمجموعات  قبل الحصول على موافقة المركز الأمني، ومن يسمح لهم بالسكن دون موافقة يجب اأن يتحمل المسؤولية القانونية.
تلك الجماعات ستطوّر من عملها وستتعلم من أخطائها، وعلينا أيضا بموازاة ذلك أن نزيد من يقظتنا وحرصنا فجميعنا اليوم شركاء في حفظ الأمن.
أذكر أنه في إحدى العمليات الإرهابية التي أوجعتنا هربت إحداهن إلى الحي الذي أسكن فيه، ولولا يقظة جارنا والتبليغ الفوري عنها، لربما حتى اليوم تأكل (ورق دوالي) في بيوتنا، وتزغرد في جميع أفراحنا، وتنوح معنا  في كل الأتراح!
دعونا من حس الفراشات والعصافير، ولنتعلم الحسّ الأمني في هذا الظرف الدقيق والحساس؛ فالبلد ماتزال معرضة للتخريب والإرهاب، ولا مجال أبدا لحسن النوايا وما رأينا منهم شيئا؛ يعني 30 فردا في مكان واحد مستحيل أن تجمعهم لعبة (طرنيب)، أو أن يشكلوا فريق كرة قدم، أو يصنعوا معا (نصاص) جبنة بيضاء!
 الجميع اليوم مسؤول بحفظ الأمن باليقظة في الحي والشارع وفي كل مكان. وحمى الله الأردن.