لم يكن فوز السعوديين

ماهر ابو طير

تاه الاسطورة ليونيل ميسي في صحراء الجزيرة العربية، على يد السعوديين الذين أدخلوا المسرة والفرح الى كل بيت عربي، يوم الثلاثاء الأخضر، ورفعوا معنوياتنا في هذا العالم العربي المتعب.

الذي يقرأ ردود الفعل على فوز السعوديين على الارجنتين، يدرك كم هي المشاعر القومية، حاضرة، برغم حالة التردي القومي منذ عقود، والرابط العروبي ما يزال حاضرا بقوة، وليس أدل على ذلك من أن العرب يشجعون المنتخبات العربية في مونديال 2022، اولا. ما من طرفة تقرأها قبل بدء مباراة يوم أمس، مثل الذي كتب قائلا…” انا اشجع منتخب السعودية بطبيعة الحال، لكنني مفتون بميسي أيضا، وعلي أنا اختار، والقلب لا يحتمل اثنين، والبقاء للسعودية فقط نهاية المطاف، وليعذرني ميسي هنا، فهذا امر لا ثنائيات فيه ابدا”. الإنسان العربي مرهق ومتعب، وبحاجة الى فرح ومسرة، وأي واحد فينا يشاهد نشرات الأخبار، ويقرأ التقارير يدرك كم أن هذا العالم العربي، أضاع الفرص والموارد، وتأخر عن الدول المتقدمة، في أغلب المجالات، فوق الحروب والفتن والصراعات والفساد والاقتتال المذهبي، وغير ذلك، وكل هذا أدى إلى تشظ في المعنويات، وتراجع في الهمم، وشعور بالتراجع أمام ما تفعله بقية الأمم. لكنك وسط هذه العتمة ترصد كل يوم، نهضة في بلد عربي ما، هنا وهناك، ولا يمكن إلا ان تشعر بالفخر عند إنجاز رياضي للسعودية، أو إبداع طبيب أردني، أو تفوق طالب فلسطيني، أو إنجاز مبهر للإمارات، أو نهضة زراعية في السودان، أو تفوق مهندس عراقي أو مغربي، أو تنظيم قطري متفوق للمونديال، أو اختراع مصري، فالشعوب العربية، لا تكره بعضها البعض، ابدا، وهم ابناء هوية واحدة، وثقافة واحدة، ومصير واحد، هكذا كانوا، وسيبقون هكذا في كل الظروف. ربما يظن البعض ان في هذا الكلام، مبالغات، لكننا في الأردن حصرا، لم نتخل عن مشاعرنا القومية، وربما هذا أكثر بلد عربي، لديه مشاعر قومية، يأسف لأي ضرر يقع في أي بلد عربي، ويفرح لأي منجز، وهويته الوطنية هنا، ليست معزولة عن سياقها القومي، ولا عن امتها. سواء فاز السعوديون في بقية المباريات أو لم يفوزوا، وسواء فازت بقية المنتخبات العربية أو لم تفز، يكفينا هنا في العالم العربي ان نحاول، وهذه المحاولة يجب ان لاتقف عند حدود الرياضة، بل يتوجب أن ننهض من جديد، فالحروب والدمار والخراب والفساد وضياع الموارد ليس قدرا، وشعوبنا ودولنا لديها امكانات هائلة، وشعوب تتطلع الى مستقبل افضل، شعوب تستحق ان تنهض من جديد، ليس لوجود مخزون تاريخي قديم يحضها على النهضة وحسب، بل لان سباق الامم اليوم لا يحتمل أن نبقى متفرجين، على ما يجري من تغيرات لا يقف في طريقها أحد. ادخلت السعودية المسرة إلى بيوت العرب يوم أمس، وربما كانت المسرة ضعفين، لان اللعب هذه المرة كان مع الارجنتين تحديدا، ولان اسطورة ميسي، تم انزالها من عليائها على يد المنتخب السعودي، الذي قدم عرضا جميلا، قال للعرب اننا جميعا يمكننا الفوز، وأن نحاول دائما. أيا كانت نتائج المونديال الأخيرة، فالعبرة هنا، ترتبط بأمرين أولهما أن الرابط القومي ما يزال حياً، وثانيهما أن لا استحالة عند من يحاول سواء في الرياضة، أو غيرها من مجالات. لم يكن فوز السعوديين، وحدهم، بل فوزنا جميعا. المقال السابق للكاتب : اضافة اعلان