لو كنت فلسطينيا

لو كنت فلسطينيا
لو كنت فلسطينيا

 

هآرتس –  عكيفا الدار

مرة قال ايهود باراك بصراحة: "لو كنت فلسطينيا في العمر المناسب، لدخلت في مرحلة معينة الى احدى منظمات الارهاب". لو كنت انا فلسطينيا، باي عمر، لاعلنت حرب الابادة على كل منظمات الارهاب واستجبت لمطلب اليهود بالاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي. وفضلا عن ذلك، كهدية عيد ميلاد لدولة الشعب اليهودي، بحلول الذكرى 61 لها، كنت سأعلن بأني احترم اعلان استقلالها في 15 ايار (مايو) 1948. كل ذلك شريطة ان كل مبادئها، حتى اخرها، تنطبق على كل المناطق التي تحت سيطرة دولة الشعب اليهودي. حتى الشبر الأخير.

اضافة اعلان

دولة سيادية تطلب من شعب اخر الاعتراف بهويتها القومية، لا يمكنها ان ترفع العتب عنها من دون ان تعرض خريطة ينطبق عليها تعريفها الذاتي. ولا قيمة كبيرة لحل الدولتين للشعبين طالما لم يترافق هذا الحل مع اتفاق ما، حتى وان كان مبدئيا، على مكان الحدود التي ستفصل بينهما. وها هو ذات رئيس الوزراء اليهودي، الذي يطلب من الفلسطينيين الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي، يشطب بضربة واحدة هذه الحدود. لقد ابلغ بنيامين نتنياهو نظيره التشيكي ميرك تبولنيك، بأنه "اذا كان الاسرائيليون لا يمكنهم بناء المنازل في الضفة، فلا حاجة للفلسطينيين ايضا بالبناء". وحسب مبدأ التبادلية، الذي كان دوما شعلة نتنياهو، فان كل فلسطيني، مثل كل يهودي، مدعو من الان فصاعدا الى ان يبني بيته في كل موقع، بين البحر والنهر.

يحتاج هذا المبدأ الى تعديل لتعريف "اراضي الدولة"، الذي ترجمه الاحتلال الاسرائيلي الى "اراضي دولة اسرائيل" وجعله القاموس السياسي "مستوطنات يهودية". لو كنت فلسطينيا، لطلبت بالتالي ان تفتح امامي عطاءات تخصيص الاراضي في كل مناطق الضفة وشرقي القدس. وكنت سأشكر نتنياهو على خطة "السلام الاقتصادي"، ولكني كنت سأطالب بموجبها حكومة الشعب اليهودي بتلك الميزانيات للتطوير ومخصصات المياه التي تمنحها لمواطنيها اليهود. وبالطبع، كنت اتوقع ان تعيد لي من دون تأخير الاراضي الخاصة التابعة لي، والتي اصبحت بؤرة استيطانية "غير مسموح بها".

لو كنت فلسطينيا، لوقعت بكلتا يدي على بند في اعلان الاستقلال، تتعهد بموجبه دولة اليهود بالتعاون مع المؤسسات وممثلي الامم المتحدة في تطبيق قرار الجمعية العمومية ليوم 29 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947، وهذا هو ذات القرار الذي قضى بان القدس، وبيت لحم ومحيطهما منطقة محايدة تحت اشراف الامم المتحدة، مع مجلس حكم يضم في عضويته مقدسيين وحاكما أجنبيا تعينه الامم المتحدة. ولو كنت فلسطينيا لتبنيت دعوة اعلان الاستقلال الاسرائيلي "لابناء الشعب العربي، سكان دولة اسرائيل، الحفاظ على السلام والمشاركة في بناء الدولة على اساس المواطنة الكاملة والمتساوية وعلى اساس التمثيل المناسب في كل مؤسساتها المؤقتة والدائمة".

في اعلان الاستقلال (المسمى خطأ "وثيقة الاستقلال") ورد ان دولة اسرائيل ستنكب على تطوير البلاد في صالح "كل سكانها"، وستكون قائمة على أسس "الحرية والعدل والسلام". كما وعدت ايضا بانها "ستقيم مساواة تامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطنيها من دون فارق في الدين أو العرق أو الجنس". والمعنى انه من اجل نيل جملة مظاهر المساواة هذه، فان الفلسطيني ملزم بان يكون مواطنا في دولة الشعب اليهودي. وكما هو معروف فان اولئك الذين يعيشون خلف الخط الاخضر، ومنهم اللاجئون في الشتات، لا يتمتعون بهذا الحق. وفي اعلان الاستقلال الذي اطلقته م.ت.ف في تشرين الثاني (نوفمبر) 1988 اعلنت بانها تكتفي بدولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة وشرقي القدس. ولو كنت فلسطينيا لسحبت "حق العودة" وطالبت بمساواة في الحقوق في دولة الشعب اليهودي.

لو كنت فلسطينيا، لفككت الوهم المسمى "سلطة فلسطينية"، ولوضعت حدا للمسرحية المسماة "مسيرة السلام" ولطردت "الدول المانحة". وبدلا من الكفاح في سبيل حقي في تقرير المصير، كنت سأتعلم العبرية وأترجم للعربية شعار "بلا ولاء لا مواطنة"؛ وحين تبلغ اسرائيل المائة عام، ان لم يكن قبل ذلك بكثير فانها ستكون اللغة السائدة في دولة الشعب اليهودي. لكن من حسن حظ نتنياهو أن الكثير من الفلسطينيين وكذلك الاسرائيليين يتحدثون بلغة ايهود باراك.