ليست دولة بل تنظيم داعشي إسرائيلي

في مقال في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية (20 /8 /2014، ونشر في "الغد" مترجماً في 30 /8 /2014) يروي الكاتب اليهودي -لعله إسرائيلي- أن قائد كتيبة جيفعاني الإسرائيلية مستوطن متدين، دعا جنوده إلى شن حرب دينية على غزة. وقد جاء في رسالته إليهم:اضافة اعلان
"لقد اختارنا التاريخ (يعني الدين اليهودي) لنكون الحافة الحادة للحرية في قتال العدو الإرهابي في غزة.. الذي يسيء إلى إله المعارك (يهوي) التي تخوضها إسرائيل. سوف نمحو هذا العدو. أوجه عيني إلى السماء وأدعو معكم: أصغِ يا إسرائيل. إن الرب إلهنا هو رب واحد. رب إسرائيل اجعل طريقنا ناجحاً ونحن في القتال من أجل شعبك إسرائيل. هذا عدو يشهر بك ويقدح في اسمك".
ويدعي كاتب يهودي إسرائيلي آخر (في مقال في صحيفة "هآرتس" بتاريخ 3 /9 /2014، ونشر في "الغد" مترجماً في 4 /9 /2014) أن هذه الأرض (فلسطين) ليست محتلة؛ فهي في الحقيقة وطن الشعب "اليهودي"، لكن الشعب الفلسطيني الذي يسكن في جزء منها يرى نفسه يعيش تحت سلطة الاحتلال".
عندما تحلل الخطاب الإسرائيلي بالجملة وبالتفصيل، وتتابع الممارسات الإسرائيلية الإبادية للشعب الفلسطيني منذ العام 1946 إلى اليوم، تجد أن هذا الخطاب وهذه الممارسات لا يختلفان عن خطاب تنظيم "داعش" وممارسته، وأن رئيس وزراء إسرائيل وكل وزير معه، وكل عضو كنيست صهيوني، لا يختلف عن أبي بكر البغدادي سوى في الزي؛ فجوهر الخطاب والممارسات واحد. إن كليهما ينكران الآخر، ويكفران الآخر، ويغتصبان أرضه، ويفتكان به ويهجرانه، ويدمران كنائسه ومعابده ومساجده، لإقامة تنظيمهما الديني. وهما ينطلقان في الخطاب والممارسة من الدين والتاريخ، وينتقيان منهما ما يضفي القداسة على الخطاب والممارسات.
في نهاية التحليل ومتابعة الممارسات، تجد أن إسرائيل كما "داعش"؛ ليست دولة كما هو شائع وذائع، وإنما تنظيم يهودي في فلسطين، لا يختلف عن تنظيم "داعش" في سورية والعراق.
لكن الغرب الذي احتل بلادنا إبان عصر الاستعمار، وقسمها وفبرك إسرائيل في وسطها، ثم دمر العراق في عصر العولمة، لا يقرأ الخطاب ولا يرى الممارسات الإسرائيليين، ولا يستفزانه. والدليل عليه أنه لو قام تنظيم "داعش" الإسرائيلي بذبح صحفي أميركي أو أوروبي، أو قتلهما كما فعل عندما قتل الفتاة الأميركية راشيل كوري في قطاع غزة بالبلدوزر، فإنه (الغرب) يحني رأسه للقاتل اليهودي الإسرائيلي ويمرر جريمته بلا عقاب! ولكنه يستفز ويعلن الحرب باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الغربي عندما يكون القاتل فلسطينياً، أو عربياً، أو مسلماً، والمقتول أميركيا أو أوروبيا.
صدق من قال:
قتل أمركٍ في داعش
    جريمة لا تغتفر
وقتل شعب صائم
    مسألة ما بها نظر
من جهتي، فإنني أدين القتلة أيا كانوا، ولأي كان، وبالمقدار القضائي نفسه. وأتمنى تصفية "داعش" وأشكاله فكرياً وتنظيمياً وبأسرع ما يمكن، وكذلك "داعش" الإسرائيلي.
لكن هذا الغرب، المثلث أو المكعب المعايير، ليس مثلي؛ فهو متقدم علي ومتحضر أكثر مني، ولذلك يفرق أو يميز بين قاتل وقاتل وقتيل وقتيل، ويقدس العدالة الإسرائيلية التي تفتك بالشعب الفلسطيني كل يوم، لأنه يقاوم شعب الله المختار أو على الأصح  شعب الله المنشار، ويصر على استعادة وطنه المغتصب والعودة إليه!