ليست ديمقراطية وليست إسلامية!

على أي أساس يقدم "الإسلاميون" أنفسهم إلى صناديق الاقتراع؟ مع التحفظ على مصطلح "إسلامي" الذي لا يعرف معناه ولا حدوده، ولكني أستخدمه هنا تجاوزا، وأعني به الحركات الإسلامية التي تشارك في الحياة السياسية على أساس الانتخاب الديمقراطي.. هل يعتقدون أن لديهم برنامجا مستمدا من "السماء" وأنه أمر الله الذي يجب أن ينفذ، وهم يتقدمون إلى صناديق الانتخاب يدعون الناس أن يختاروا "الإسلام" أو ما ليس إسلاما؟ هل يعتقدون أنهم سيطبقون الشريعة الإسلامية، وأن الناس تصوت على تطبيق الشريعة الإسلامية أو عدم تطبيقها؟ أم أنهم يريدون تحقيق مزيد من الانسجام مع الشريعة الإسلامية وتصحيح الانحراف عنها، وأنهم يدعون الناس إلى التصويت على تحقيق هذا الانسجام؟ أم أنهم يحملون برنامجا محافظا أو ليبراليا أو يساريا، فيقدمون أنفسهم محافظين إسلاميين، او ليبراليين إسلاميين أو يساريين إسلاميين، وأنهم بتدينهم يمنحون برامجهم ومواقفهم ومرشحيهم مصداقية وقبولا باعتبار أن "المتدين أو الإسلامي" أكثر (يفترض) التزاما بوعوده والمواقف والبرامج النظرية التي يدعو إليها؟ اضافة اعلان
الواقع أن الإخوان المسلمين في الأردن عدة جماعات مختلفة عن بعضها اختلافا جذريا وكبيرا؛ فهناك مجموعة يمكن تصنيفها بأنها "محافظون متدينون" أو "ليبراليون متدينون"، بمعنى أنهم يؤمنون بالديمقراطية وصناديق الانتخاب كحكم أو مرجعية، وأن لديهم أفكارا ومواقف يتقدمون بها ويسعون إلى تطبيقها، فإن نجحوا في ذلك ديمقراطيا فسوف يحاولون تطبيقها، ويبدون استعدادا لمراجعتها ومواءمتها، والبوصلة الأساسية لهم في ذلك عدم التناقض مع الشريعة الإسلامية، ويقبلون أن يظلوا جزءا من العملية السياسية في جميع الأحوال (مشاركة أو معارضة)، بمعنى أن مخالفة الأغلبية لما يؤمنون به ويدعون إليه لا يغير من طبيعة مشاركتهم وموقفهم. 
وهناك جماعة ثانية من الإخوان المسلمين تتخذ موقفا رافضا وجذريا من النظام السياسي والمجتمع أيضا، ولا تؤمن بالديمقراطية ولا الانتخاب، وتعتقد أنها تدعو إلى الحق المنزل من السماء والذي لا يجوز معه اجتهاد ولا يقبل إلا التسليم المطلق لما يعتقدون أنه "أمر الله"، ولا تغير مشاركة هؤلاء -وهم فئة واسعة ومؤثرة وعدد منهم صاروا نوابا– في الانتخابات والحياة السياسية القائمة من موقفهم واعتقادهم الرافض والمفاصل.
وهناك جماعة ثالثة ليست متشددة دينيا ولا تحمل برنامجا وطنيا تدعو إليه ولا تعنى بالديمقراطية والحريات والإصلاح، وتشكل مواقفها وتقيم العملية السياسية القائمة على أساس من تسويات وصفقات ومصالح تشارك بموجبها أو تقاطع، تؤيد أو تعارض، ويمكن أن تبدي اعتدالا أو تشددا، وتسلك في واقعية مفرطة أو طوباوية دينية ونضالية.
أعتقد أن التيارات/ الجماعات الثلاث ليست ديمقراطية ولا إسلامية (بالمفهوم الذي يرون أنفسهم به)، وإن كانت الجماعة الأولى بالطبع يمكن أن تكون متقبلة وقادرة على تطوير أفكارها ومواقفها ومواءمتها إسلاميا وديمقراطيا، ولكنها في الحالة الراهنة للجماعة مهمشة ولن يكون لها وجود مؤثر في المشاركة النيابية القادمة.

[email protected]