ليس الجميع يحتفلون ببلفور

يديعوت أحرونوت

سمدار بيري

وجدت صدفة وصفا مشوقا لرحلة اللورد آرثور جيمز بلفور في سفينة إلى القدس. وجرت الرحلة في اذار 1925، وتوجت كانتصار مزدوج: بعد ثماني سنوات من "تصريح بلفور"، جاء اللورد وعقيلته على متن سفينة أبحرت في البحر الأحمر، في الطريق إلى احتفال تدشين الجامعة العبرية في القدس. وقد دعي الزوجان كضيفي شرف ممن صار لاحقا الرئيس الاول لدولة إسرائيل، حاييم وايزمن.اضافة اعلان
في إحدى المحطات توقفا في ميناء الاسكندرية المصري، ومراسل الصحيفة المصرية الرسمية "الأهرام" وصف بتفاصيل التفاصيل سلسلة من الاستقبالات: ما لبست السيدة، ما قاله اللورد وبأي استخفاف وتعال تعاطيا مع المحليين. في الاسكندرية حظيا باحترام عظيم لدى قادة الطائفة اليهودية والقنصل البريطاني. وفي القاهرة نظمت لهما مظاهرات احتجاجية فرقتها الشرطة. "ولكن اللورد تجاهل مظاهر الغضب وواصل طريقه وكأن شيئا لم يكن"، كما لاحظ الصحافي المصري.
هذا المقال، الذي امتشق الان من أرشيفات الصحافة في الدول العربية مع احياء 100  عام على تصريح بلفور يشكل أساسا لسؤال يطرح مؤخرا في عشرات الافتتاحيات في وسائل الاعلام العربي: 100 سنة مرت وما الذي بالضبط فعلتموه من أجل ابناء الشعب الفلسطيني؟ أين المساهمة العربية؟ لماذا يجلس الزعماء مكتوفي الايدي؟ لماذا يسكت الملوك والرؤساء؟
مشوق الانتباه إلى التعبير: عندنا معروف هذا كـ"تصريح بلفور"، الذي يوفر شرعية لاقامة "وطن قومي لابناء الشعب اليهودي"، والذي أدى إلى اقامة دولة إسرائيل، ولكن في الطرف الاخر يصرون على تسميته "وعد بلفور" – بسبب التوصية البريطانية بعدم ظلم حقوق "ابناء الشعوب الاخرى الذين يمارسون حياتهم في فلسطين".
منذ 70 سنة وفي الطرف الفلسطيني وفي العالم العربي لا ينسون هذا ويصرون على أن يضيفوا اللقب المنكر "الوعد"، الذي أصبح "وعد بلفور المشؤوم". من ناحيتهم، هذا نوع من صفقة القرن السابق بين حكومة جلالة الملك وبين قادة الجالية اليهودية ونجمت عنها المصيبة الكبرى: نقمة النكبة الفلسطينية. "اغتصاب فلسطين"، قالت صارخة الافتتاحيات، وابو مازن انطلق بطلبه الهاذي لاعتذار بريطانيا عما حصل قبل 100 سنة، وتعويض مالي للاجئين الفلسطينيين. وقد أوضحت رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي بانها لا تحلم بالاعتذار.
في مقال شجاع وفظ نشر في نهاية الأسبوع في الصحيفة  اليومية اللندنية -  السعودية المؤثرة "الشرق الاوسط"، يدعو الصحفي القديم عثمان مرجاني الفلسطينيين  إلى "الكف عن التباكي، واجراء حسب النفس". قولوا، يوبخهم، لماذا لإسرائيل انجازات، وانتم نجحتم فقط في أن تكونوا متنازعين فيما بينكم؟ لماذا لا توجد فرصة لم تفوتوها على مدى المئة سنة التي مرت منذ "وعد بلفور"؟ انتم تلعنون تصريح بلفور، تدعون أنهم عقدوا من خلف ظهركم في صالح اليهود ومن اجل مصالح بريطانيا؟ أين كنتم على مدى السنين؟ لماذا لم تصعدوا إلى العربة السياسية؟ "جلستم وشتمتم كل العالم، تباكيتم بلا خجل، والآن تطالبون بالاعتذار والتعويض؟ عودوا إلى الواقع. لن تحصلوا عليه، لان اليهود دوما قبلكم، يعرفون كيف يعملوا، ولديهم نجاحات مذهلة، علمية واقتصادية، ديمقراطية وحقوق الإنسان، ليلوحوا بها".
مرجاني، مواطن سوداني في أصله، سبق ان تلقى الضرب والتهديد على حياته في اعقاب مقالات التوبيخ للعرب. والمشوق هو انه في ذروة الكرب الفلسطيني، يحصل على المنصة المحترمة الممثلة بالصحيفة السعودية، لجلد ابو مازن ورفاقه، وكأن الكاتب هو وزير أو موظف كبير في حكومة إسرائيل. وعن الوليمة الاحتفالية التي عقدت في لندن لإحياء 100 سنة على وعد بلفور يطلق إلى آذان الفلسطينيين بان "تستحقون" ويقول بلسان سام: "هذا الحدث يقول الكثير جدا عن وضع الامة العربية بشكل عام، ولا سيما عن الضفة في الطرف الفلسطيني". كفوا عن العويل، كما يختم قوله، انظروا إلى الامام وابدأوا في مراجعة أنفسكم، "حتى لا تفوتوا فرصة اخرى".