ليس هناك أي إجماع وطني

موشيه آرنس - هآرتس

"توصلنا إلى إجماع وطني واسع حول دولتين لشعبين"، قال رئيس الوزراء في مستهل جلسة الحكومة في الأسبوع الماضي. "هذا الاتفاق الوطني" الذي تم التوصل إليه بعد عدة أسابيع للجهود الفكرية المحمومة التي بذلها هو ومساعدوه تطرح كأحد الانجازات الأساسية لحكومة بنيامين نتنياهو.

اضافة اعلان

ضمن المفاهيم السياسية الحزبية، تعتبر هذه ضربة شديدة لحزب المعارضة الرئيسي كديما ولرئيسته تسيبي ليفني. البساط سحب من تحت أقدام ليفني التي بدا خلال السنوات الأخيرة أن جل اهتمامها مركز على إقامة دولة فلسطينية. الآن هي منغمسة في محاولة القول أن نتنياهو لا يقصد بجدية ما يقوله عندما يتحدث عن إقامة دولة كهذه.

من السهل بلورة إجماع بين الائتلاف والمعارضة أو جسر الهوة التي كانت بينهما حتى الآن. لهذا السبب يتوجب على الائتلاف فقط أن يتبنى موقف المعارضة وهوب- هناك اجماع وطني!

الطريق الثاني المؤدي إلى الإجماع الوطني أصعب بقليل. ماذا كان سيحدث لو أعلنت قائدة المعارضة عن أن لليهود الحق في الاستيطان في أراضي إسرائيل وانه لا يتوجب حظر الوجود اليهودي في أي مكان كان؟ أو القول بان المستوطنين الذين استوطنوا وتمركزوا في يهودا والسامرة، وفقا للقانون بتخويل من الحكومة وتشجيع منها لن يقتلعوا من بيوتهم؟ أو أن تقول بان إسرائيل هي امة سيادية لا تقبل الأوامر من أحد بما في ذلك رئيس الولايات المتحدة. حينئذ سيكون لدينا بالتأكيد إجماع وطني ولكن ذلك سيتسبب للمعارضة بمشكلة سياسية صعبة.

ليس هناك أمر طبيعي في المجتمع الديمقراطي أكثر من الخصام بين الأحزاب وعدم الإجماع بين الائتلاف والمعارضة. هذا كان مركز الاهتمام في الانتخابات الأخيرة التي حسم فيها الناخبون بين موقفين متناقضين. الإجماع الوطني ليس أمرا طبيعيا في المجتمع الديمقراطي وإنما في ساعة الطوارئ الوطنية أو في حالة وجود خطر وجودي. إذا يتوجب تسوية الصفوف وطرح جبهة موحدة في مواجهة العدو. رغم أن إيران النووية هي خطر على الإسرائيليين جميعا، لكن ليست هناك صلة بين هذا وبين إقامة دولة فلسطينية أو استمرار البناء في المستوطنات.

الالتزامات السابقة التي قطعتها حكومات الولايات المتحدة وإسرائيل على نفسها- مكتوبة أو غير مكتوبة- حول المستوطنات و "الكتل الاستيطانية" لا تمتلك مفعول الاتفاقيات الدولية. هي قابلة للتغير مع دخول حكومات جديدة بعد الانتخابات هذا هو الوضع في الولايات المتحدة وفي إسرائيل في نفس المقياس، حيث انتصر مرشح الليكود في الانتخابات في ظل وعده بعدم مواصلة سياسة الحكومة السابقة برئاسة كديما.

في جوهر الأمر، ليس في إسرائيل اليوم إجماع وطني حول إقامة دولة فلسطينية وحول الافتراض الذي تبناه ايهود أولمرت – ومن بعده ليفني – بأنه إن لم تتشكل دولة فلسطينية فان إسرائيل ستغيب عن الوجود. ليس هناك أيضا إجماع واسع حول أية حاجة ملحة للتفاوض مع ممثلين فلسطينيين حول صياغة اتفاق لا يمكنهم في هذه الفترة تطبيقه، اتفاقا سيوضع على الرف بانتظار أوقات أكثر ملائمة.

اليوم وحيث تسيطر حماس على قطاع غزة والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس بعيدة عن السيطرة في يهودا والسامرة، تعتبر الدولة الفلسطينية حلما ولا أكثر. في المستقبل قد تتحول ربما إلى إمكانية عملية، وربما لا. من الأجدر بحكومة إسرائيل أن توضح بأنها لا تستبعد مسبقا إقامة دولة فلسطينية عندما يصبح الأمر متاحا.