ليفني تغادر "الكنيست" ولم تتخل يوما عن تشددها

1550605026153721800
1550605026153721800
برهوم جرايسي الناصرة - باعلانها الانسحاب من الحياة السياسية ،بسبب تراجع فرص حزبها " الحركة " اجتيازها نسبة الحسم ، وعدم تمكنها من خلق تحالفات مع أي من الأحزاب الإسرائيلية المنافسة في هذه الانتخابات. ،تطوي تسيبي ليفني ، الصفحة الاخيرة من حياتها العامة ،التي بدأتها قبل اكثر من اربعين عاما كضابط في جيش الاحتلال الاسرائيلي، مرورا بالعمل في الموساد، وانتهاء بعضوية الكنيست للدورة البرلمانية الاخيرة. نشأت تسيبي ليفني، التي أنهت الصيف الماضي عامها الـ 60، في عائلة من عصابات الإرهاب الصهيوني، والدها كان قائدا في عصابة الايتسيل الارهابية، التي ارتكبت مجزرة دير ياسين. وبعد العام 1948، كان من مؤسسي حزب "حيروت" بزعامة مناحيم بيغين، وكان عضوا في الكنيست، لسنوات ليست قليلة، ضمن كتلي "حيروت" و"الليكود". بعد خدمتها العسكرية الإلزامية، التحقت ليفني بالمخابرات الخارجية، "الموساد"، وخلال العمل وبعده درست الحقوق. ونشرت عنها قصص كثيرة حول نشاطها في "الموساد"، منه ما هو مستند لوقائع، ومرتبط بجرائم ارتكبت في فرنسا، وأخرى قصص يتداولها بعض العرب، ليس لها ما يسندها. ولن نحظى بمعرفة هذا التاريخ السرّي لسنين طويلة . دخلت ليفي الكنيست لأول مرّة في انتخابات 1999، ضمن كتلة "الليكود"، وقيل يومها إنها من الوجوه الجديدة التي استقدمها رئيس الحزب في حينه بنيامين نتنياهو. ومنذ يومها الأول، في صفوف المعارضة، كانت مهاجمة شرسة للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ومن المطالبين بإلغاء اتفاقيات أوسلو. بعد الانتخابات، وخسارة حزبها الحكم، استقال نتنياهو من الكنيست، انضمت ليفني الى الرئيس الجديد للحزب اريئيل شارون، الذي نجح بالفوز برئاسة الحكومة، في انتخابات خاصة لرئاسة الحكومة وحدها، جرت في شباط (فبراير) 2001؛ فاختارها شارون وزيرة في حكومته، لـ"التعاون الإقليمي". في انتخابات 2003، حصلت ليفني على مقعد متقدم في حزبها، بفعل نشاطها اليميني المتشدد. لتتولى في الحكومة الثانية لشارون، حقيبة الزراعة، ثم البناء، ثم القضاء، والحقيبة الأخيرة ضمنت لها مقعدا في الطاقم الوزاري للشؤون العسكرية والسياسية. وأيدت ليفني في تلك الحكومة خطة شارون لإخلاء مستوطنات قطاع غزة، واقصى شمال الضفة، لأنها كانت على علم بنوايا شارون اللاحقة. على ضوء أزمة حزب "الليكود" على خلفية خطة الاخلاء تلك، انشق شارون عن حزبه في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. وأسس حزب "كديما"، ولكن بعد قرابة 50 يوما من تشكيل ذلك الحزب، سقط شارون في غيبوبة دام فيها سنوات حتى موته. فنافست ليفني زميلها إيهود أولمرت على رئاسة الحزب، إلا أن الفوز كان من نصيب الأخير.فاز "كديما" في انتخابات ربيع 2006، وشكّلت الحكومة برئاسة أولمرت، وتولت ليفني حقيبة الخارجية، لكنها كانت الند القوي لكل مشاريع أولمرت للتقدم في المفاوضات. وقد برز هذا في العام 2007، عشية انعقاد مؤتمر أنابوليس. وكانت ليفني أول من طالب الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، وهو ما يعني الغاء فوري لحق العودة، فيما سيكون فلسطينيو 48 مجرد "رعايا أجانب" في وطنهم. وهاجمت ليفني بحدة كل ما كان ينشر في تلك الفترة عن المفاوضات بين أولمرت والرئيس محمود عباس، حينما كان يجري الحديث عن انسحاب من أكثر من 90 % من مساحة الضفة. في انتخابات 2009، خسر حزب "كديما" برئاستها الحكم، بعد أن اعتزل أولمرت السياسة بفعل قضايا فساد. وهاجمت ليفني مرارا رئيس الحكومة نتنياهو، بسبب مجاهرته بالمخططات الاستيطانية في القدس والضفة. وقالت مرارا، من على منصة الكنيست، إن حكومة كديما كانت أكثر حكومة بنت في القدس المحتلة والضفة، ولكنها كانت تفعل هذا تحت غطاء المفاوضات، دون ضجيج، من شأنه أن يخل بمكانة إسرائيل أمام العالم. بعد أزمة في "كديما" والاطاحة بها من رئاسة الحزب لصالح شاؤول موفاز، انشقت ليفني وأسست حزب "الحركة" تمهيدا لانتخابات 2013. وفازت في تلك الانتخابات بـ 6 مقاعد. ولكنها كانت الأولى التي أبرمت اتفاق ائتلاف مع نتنياهو، في حكومته التي دامت 20 شهرا، وتولت حقيبة القضاء، واشرفت على سلسلة من القوانين العنصرية. بعد مغادرتها منصبها في انتخابات 2015، وجدت خليفتها في الوزارة، المتطرفة أييليت شكيد، مشروعي قانونين جاهزين للتشريع. أولهما الاطعام القسري للأسرى المضربين عن الطعام، والثاني لمضاعفة العقوبات على القاء الحجارة لتتراوح ما بين 5 سنوات إلى 20 عاما. في انتخابات 2015، وبعد رفع نسبة الحسم التي هددت تمثيلها في الكنيست، تحالفت ليفني مع حزب "العمل"، ضمن كتلة "المعسكر الصهيوني"، إلا أن "العمل" فكك هذا التحالف قبل شهرين، وبدأت ليفني تتلمس طريقها، بحثا عن حزب يلمها معه الى الكنيست، فتعثرت جهودها وتعسرت، فقررت مغادرة الكنيست. لكن في كل فترة جلوسها في صفوف المعارضة في السنوات الأربع الأخيرة، لم تكن ليفني من حيث الجوهر، بعيدة عن رؤية اليمين المتشدد لحل الصراع، فما في جعبتها من مقترحات، لن نجد فلسطينيا واحدا على استعداد للقبول به. ورغم دعوتها إلى حلّ الدولتين، إلا أن ليفني أكدت رفض تفكيك المستوطنات، والإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبيرة تحت السيادة الإسرائيلية. كما ترفض ليفني الانسحاب من القدس المحتلة، أو من غور الأردن.اضافة اعلان