مآلات عربية بأفكار واشنطن وترامب!

في المنطقة متغيرات مختلفة ومتسارعة، علينا ملاحظتها والتعامل معها بحذر وروية، فالولايات المتحدة الأميركية وفق النظرة الترامبية تريد تكريس وضع معين، فصفقة القرن التي تم التسويق لها يبدو أنها لن تمر ولن يتم الإعلان عنها؛ إذ تخرج التقارير على تأجيل طرحها حاليا، وهذا متوقع في ظل الرفض العارم لها.اضافة اعلان
فيما يتسارع جهد أميركي لجهة إلغاء دور "الأونروا" في المنطقة، وإلغاء صفة اللجوء عن اللاجئين الفلسطينيين.
إضافة لبوادر فشل صفقة القرن، فإن المتغيرات في الجانب السوري كبيرة وواضحة وتتطلب رؤية ثاقبة لتطورات الأمور والأحداث، لاسيما وأن الحديث عن سقوط النظام وغيره من عبارات باتت إرثا من الماضي، وعادت الحكومة السورية وسيطرت على جل أرضها، وعلينا نحن في الأردن في المقام الرئيس أن نلحظ ذلك، وأن نتعامل مع المتغيرات بشكل سريع وواقعي، ونحاول فتح صفحات جديدة من دون تمترس، أو تفكير بغضب هذا الطرف، وزعل ذاك، فالمصلحة الأردنية أولوية وهي التي تحكم مساراتنا السياسية.
الأمر الثالث الذي يتوجب النظر إليه والتعامل معه بحذر شديد هو ما يتسرب حول سعي أطراف عربية وإقليمية لتشكيل قوة عسكرية وأمنية سياسية عربية (ناتو عربي) بحيث يضم دولا خليجية ومصر والأردن، وحسب وكالة "رويترز" فإن الهدف من هذا المخطط الذي تفكر به واشنطن هو الوقوف في وجه التمدد الإيراني في المنطقة، وهذا شعار علينا الحذر منه، فالحديث عن "بعبع" جديد في المنطقة وتشكيل (ناتو عربي) لهذا الغرض لا يخدم المنطقة ولا شعوبها، لاسيما وأن مثل تلك القوة العربية العسكرية لن تلحظ وجود الكيان الصهيوني المتغطرس، وكل ممارساته تجاه الشعب الفلسطيني، واحتلاله لأرض عربية!!.
قبل الدخول في أحلاف من هذا النوع، علينا أن نفكر بروية وعمق ومسؤولية، فالحاضنة الشعبية العربية لا ترى سوى في الكيان الصهيوني عدوا استراتيجيا ووجوديا لنا، وعلينا أن نلحظ أن الناس رغم كل حملات الضخ العملاقة التي قامت بها دول مختلفة لتغيير بوصلة الناس واستحضار إيران كعدو وبعبع، ورغم الضخ الطائفي والمذهبي الذي أثير، إلا أن شعوب المنطقة لم تقتنع بهذا، وربما يكون موقف الشاب السعودي الذي غير مكان وقوفه في حفل تكريم عندما نظر فوجد من يقف بجانبه صهيونيا يحمل علم الكيان، فما كان منه إلا أن غير مكان وقوفه، وذهب ووقف بجانب من يحمل العلم الإيراني، فهذا دليل على أن الناس بشكل عام تختلف نظرتهم لإيران عن نظرتهم للكيان الصهيوني، فما يزال الكيان بنظر سواد الناس غاصبا وفاشيا وسارقا للأرض.
عمليا، من ينظر للمنطقة من زوايا مختلفة، ويقرأ ما يدور في واشنطن وعواصم أوروبية، يلمس فورا أن المتغيرات المقبلة كبيرة، وأن الولايات المتحدة التي كانت حليفا قويا لدول بعينها، بات لا ضير لديها إن تحالفت مع دول أخرى كانت تعاديها، وأن واشنطن باتت تفكر بوجودها في شرق جنوب آسيا أكثر من تفكيرها في الشرق الأوسط، الذي باتت تتعامل معه كمستودع أموال فقط، ومن يدفع يستلم مقابل ما دفعه، وإن كان يريد أكثر فعليه أن يدفع بالمقابل، وهي تستعد لتسليم راية التعامل مع المنطقة لدول أوروبية ليست بعيدة عن سياسة واشنطن، فباريس ولندن تتحدثان عن مصالح لهما في المنطقة باللهجة نفسها التي تتحدث عنها واشنطن، وهذا بالتنسيق بين العواصم الأوروبية تلك.
الولايات المتحدة تخطط قبل إعلان انسحابها خلق تحالفات جديدة، وتكوين عدو للعرب غير الكيان الصهوني وإغلاق ملف اللاجئين الفلسطينيين، من خلال إلغاء دور الأونروا في المنطقة.