مؤتمرون يدعون لمحاسبة صحفيين يتجاوزون الأخلاق

جانب من افتتاح فعاليات مؤتمر خطاب "الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي" أمس-(بترا)
جانب من افتتاح فعاليات مؤتمر خطاب "الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي" أمس-(بترا)

غادة الشيخ

عمّان- أعرب مؤتمرون عن قلقهم من "تفشي ظاهرة خطاب الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي التي ساهمت في زعزعة استقرار دول كثيرة بالعالم وتهدد أمنها وسلامها".اضافة اعلان
ودعوا إلى "مساءلة ومحاسبة الصحفيين الذين يتجاوزون الحدود الأخلاقية للحد من نزعة خطاب الكراهية في وسائل الإعلام، فضلاً عن تأهيل الصحفيين وضرورة أن يتحلوا بالدقة والموضوعية والمهنية.
كما أكدوا، خلال افتتاح فعاليات مؤتمر خطاب "الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي" أمس، وجود "مجموعة معقدة من القوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تلعب دورا كبيرا في إنتاج هويات ضيقة مثل العشائرية والمناطقية والطائفية".
وقال عميد معهد الإعلام الأردني باسم الطويسي، خلال حفل الافتتاح الذي رعته سمو الأميرة ريم العلي، إن هناك "حالة من الفوضى السياسية والعسكرية في المنطقة جاءت ارتداداتها في العمق الاجتماعي العربي"، سادها التوافق بين "الإعلام الرديء والسياسة الرديئة، ما أنتج خطاب الكراهية في وسائل الإعلام".
وأضاف أن هناك تحولات سياسية مركبة يشهدها العالم العربي تتضمن تضاربا في المصالح انعكس على الإعلام ووسائله وأجنداته، مؤكدا أن "المسألة أكثر تعقيدا، حيث جر ترويج خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي المجتمع للحقد تحول أحيانا الى أفعال على الأرض".
ودعا الطويسي الى تبني التربية الإعلامية في المناهج المدرسية والجامعية وهو ما باشر به مؤخرا معهد الإعلام الأردني من خلال "إدخال مشروع التربية الإعلامية في مناهجه"، لافتا الى أنه "لا توجد وصفة سحرية للحد من التطرف في الإعلام، لكنه أشار الى "قنوات كتطوير قدرات الإعلام المهني ومنح الاستقلالية للإعلاميين، واستثمار التربية الإعلامية وإدخالها في النظام التعليمي".
من جهته، أكد ممثل معهد الصحافة النرويجي فروده ركفيه أن حرية الصحافة والتعبير "مهمة لبناء الديمقراطية، ومن المهم أن نفكر بوضوح في الاعلام المهني والنظام التعليمي في الصحافة".
وأشار إلى أن "خطاب الكراهية ليس منتشرا في الإعلام العربي فقط، بل في جميع دول العالم"، مستشهدا بالنرويج التي "تمارس فيها بعض وسائل الاعلام خطاب التفرقة والعنصرية
 والكراهية".
فيما اعتبر رئيس الشبكة الدولية للصحافة الأخلاقية أيدن وايت أن "الانسانية هي جوهر الصحافة"، لافتا الى أن "حرية الرأي والتعبير في الصحافة تحمل مفهوما مغلوطا من قبل صحفيين يعتقدون أن لهم الحق في تجاوز كل الحدود"، فيما المطلوب إدراك الصحفي للخطوط الحمراء والاستناد للمعايير الأخلاقية.
وفي ذات السياق، دعا وايت إلى "مساءلة ومحاسبة الصحفيين الذي يتجاوزن الحدود الأخلاقية للحد من نزعة خطاب الكراهية في وسائل الإعلام الذي بات خطابا في قلب الإعلام في جميع دول العالم اليوم"، كما دعا إلى "تأهيل الصحفيين وأن يتحلوا بالدقة والموضوعية والمهنية".
وخلال جلسة ترأسها الدكتور حلمي ساري تحدث وزير الثقافة الأسبق الدكتور صبري اربيحات عن العدالة الاجتماعية وخطاب الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي، منوها إلى "خطورة وجود الكثير ممن يبررون ذلك الخطاب".
وأشار اربيحات إلى أن "تغييب العدالة الاجتماعية في المجتمعات تولد في الفرد مشاعر العدائية للآخر"، لافتا إلى أن الخطاب السياسي والإعلامي في مجتمعاتنا العربية "طالما كان خطابا بطركيا أبويا يحمل وجهة نظر واحدة".
وأضاف عندما أصبحت هناك منابر واسعة الفضاء "أصبح الناس يستخدمونها للتعبير وبالتالي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي فضاء مسموما فيه الكثير من الرسائل التي تحمل مشاعر الكراهية والازدراء، منطلقة من بيئات مجتمعية غير قادة على استيعاب النقد والتعددية".
ومن مركز كوسوفو للدراسات الأمنية، استعرض اسكندر بيرتيشي تجربة بلاده مع العنف جراء خطاب الكراهية، مشيرا الى أن "كوسوفو طالما كانت تحترم التعددية الدينية لكن مع ظهور الجماعات المتطرفة في سورية والعراق ساهم الخطاب الديني التطرفي في استقطاب المقاتلين الأجانب منها".
وأشار إلى أن 300 كوسوفي توجهوا للقتال في سورية والعراق أغلبهم مع جماعة جبهة النصرة الإرهابية بعد غسل عقولهم، والنفاذ إلى عقولهم من ثغرة الجهل وصغر السن.
واستعرض جان دامور من ميديا هاوس، التجربة الرواندية مع خطاب الكراهية والتي "أسفرت عن موت مليون شخص منذ العام 1959 بسبب زرع الفرقة بين الأثينيين واللاجئين التوستيين" الذين منعتهم الحكومة الرواندية من العودة، مشيرا الى مساهمة وسائل الإعلام في التحريض عليهم بـ"وصفهم بالصراصير وأشباه البشر".
وفي الأثناء تحدث الدكتور عبد الحكيم الحسبان من جامعة اليرموك عن دور الإعلام الرقمي والاجتماعي في إنتاج وإعادة انتاج الهويات الضيقة والقاتلة، مبينا "العلاقة الطردية بين آليات إنتاج هويات ضيقة تركز على عوامل الاختلاف، وبين بشر يتجاهلون عوامل التجانس والتشابه من خلال نشر خطاب الكراهية".
وقال إن هناك مجموعة معقدة من "القوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تلعب دورا كبيرا في إنتاج الهويات الضيقة مثل العشائرية والمناطقية والطائفية"، ولأن العصر الحالي هو عصر الإنتاج الجماهيري للصورة والكلمة، فقد "بات الإعلام اليد الطولى في إنتاج الهويات الجماعية".
يذكر أن المؤتمر ينظمه المعهد بالتعاون معهد الصحافة النرويجي.