دينار واحد بالساعة أجرة "عاملات الزراعة" في سويمة- فيديو

سيدتان في منطقة السويمة بجانب الشارع الرئيسي-(الغد)
سيدتان في منطقة السويمة بجانب الشارع الرئيسي-(الغد)

سماح بيبرس

سويمة- على قارعة الطريق... طريق العودة من البحر الميت إلى عمان كانت تقف أم منور تنتظر وسيلة نقل تقلها من السويمة إلى بيتها في منطقة الجوفة بعد أن أنهت عملها باكرا في إحدى المزارع.

اضافة اعلان

أم منور اكتفت هذا اليوم بالعمل 5 ساعات فقط بسبب آلام حادة وتقول "روحت بكير اليوم لأن سني تؤلمني... مش قادرة أتحمل الوجع...بدي أروح أرتاح...شغلي على السبعة بخلص.. بس مش قادرة.. خلص".

وتقول"اليوم اشتغلت من الساعة 7 حتى الساعة 12 وأعطاني اللي بشتغل عنده 5 دنانير.. كل ساعة بدينار..عادة "بطلع 10 دنانير باليوم لأنه بشتغل من الـ6 الصبح وحتى 6 أو 7 المساء".

في نفس الأثناء كان مشاركون في مؤتمر "تمكين المرأة" قد أنهوا اجتماعا لهم في أحد فنادق البحر الميت الفارهة لمناقشة قضايا "حساسة" تتعلق بـ"وضع اليد" على التحديات التي تواجه المرأة في بيئة العمل والمتطلبات التي تحتاجها الشركات المملوكة للنساء من أجل أن تزدهر وكذلك لمناقشة تعزيز "مشاركة المرأة اقتصاديا".

على نفس الشارع الذي كانت تقف على قارعته أم منور مر حشد المؤتمرين من مسؤولين وسيدات أعمال وصاحبات شركات وواضعي سياسات وممثلين عن القطاع الخاص وقطاع الخدمات المالية والمجتمع المدني وريادة الأعمال.

وتصف أم منور التي كانت تضع يدها على خدها أثناء الحديث، عملها بأنه عبارة عن قطف للخضار والفواكه ووضعها في "البوكسات"، ومن ثم تحميلها على "البيك أب" ليتم نقلها من قبل صاحب المزرعة أو "الشغيلة" إلى السوق أو الشارع الرئيسي لبيعها للمارة.

وعلى بعد أمتار قليلة من أم منور، كانت أم محمد التي غطت وجهها بالخمار تجلس على حافة الطريق تبيع الجبن والبيض التي سرعان ما تبدأ بعرض بضاعتها التي صنعتها هي وزوجات أبنائها، "الكيلو بثلاثة دنانير للجبن"، والبيض كل عشر بليرة ونصف".

لا تعمل أم محمد في المزارع فهذا العمل بالنسبة لها "عيب" فالـ "الحرمة لازم ما تختلط مع الرجال"، لكنها تستدرك "في ناس يضطرون ...الله يعين الناس".

يوم أم محمد الأربعينية يبدأ من الساعة الرابعة فجرا، فهي تصف "والله ببلش من الساعة 4 وحتى 7 بالليل، والله ما بنام ولا بشوف النوم بقوم بعد الأذان وبتوضأ وبصلي، وبشرب كاسة شاي "وبس يبان النهار بطلق الحلال "المعزات"، بحلبهن وبعلفهن، وبجبّن الجبن -ان كان وقت جبن-، واذا ما في منسرح معهن نلم تبن وعلف من المزارع"، وتروي "الرجال بروحوا على أشغالهم بالمزارع أو بيسرحوا كمان بالغنم، وبعدين احنا النسوان بعد الظهر اللي عليها غسيل أو جلي وأنا بخلص وباجي ببسط بالجبنة هان".

وتنهي حديثها قائلة "احنا لا منقول آخ ولا منشتكي، منقول دائما الحمد لله ، الحمد لله على ستر الحال وعلى صحة بدنا بس".

رغم أنّ أم منور وأم محمد كانتا تبعدان بضعة كيلوات عن مؤتمر "التمكين الاقتصادي للمرأة" نهاية الأسبوع الماضي، إلا أنهما كانا وغيرهما من النساء بعيدات بمسافات وسنين عما دار ونوقش في هذا المؤتمر. المؤتمر ، ربما نسي المجتمعون فيه أنّ هناك نساء لا زلن يعملن ضمن أنظمة من الممكن وصفها "بالاقطاعية"، يعانين الفقر والحاجة ويتعرضن لأشكال مختلفة من الصعوبات اللامتناهية.

هاتان السيدتان هما جزء من "فقيرات الأردن" اللاتي قدّرت نسبتهنّ العام 2010 (آخر احصائيات متاحة) بـ7.4 %، مقابل 6.9 % بين الذكور.

وتعتبر "سويمة" جزءا من لواء وقضاء الشونة الجنوبية الذي يصنف منذ 2002 كجيب فقر والذي كانت الحكومة قد قدرت أرقام الفقر فيه العام 2008 بـ (40.2 %) والذي تحول تصنيفه لدى الحكومة في 2016 ضمن المناطق "ذات خصوصية تنموية بحاجة إلى تدخلات حكومية" دون إعلان نسب الفقر المحدثة فيها، فيما لم يتم الاشارة الى "جيوب الفقر" أصلا في مسوحات الحكومة الأخيرة والتي تعود إلى 2018.

وتعد منطقة البحر الميت منطقة تنموية منذ العام 2009، فيما تمّ إعلانها كأول منطقة تنموية في المملكة لوجهة الأعمال الرئيسة العام 2015.

ولابدّ من الاشارة هنا إلى أنّ تقرير حالة البلاد الأخير الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي كان قد أشار الى أنّه يتم انفاق الكثير من المبالغ على انتاج الاستراتيجيات المتعلقة بالمرأة، إلا أن هذه الاستراتيجيات "يتم تخزينها بمجرّد كتابتها ودون الاستفادة منها في كثير من الأحيان".