مؤتمر "فتح" السابع

من المقرر أن ينعقد يوم الثلاثاء المقبل المؤتمر السابع لحركة "فتح"، في رام الله، بحضور يقدر، بحسب الأسماء المعلنة، بنحو 1400 شخص، وبتأخر عامين عن الموعد الأساسي. عمليا، باتت معالم المؤتمر محسومة، لكن نتائجه ونقاشاته هي الآن موضع جدل في داخل حركة "فتح"، وإن كان الجدل ومضامينه يحمل بحد ذاته مؤشرات ونتائج سياسية.اضافة اعلان
السؤال الأساسي: هل سيكرس المؤتمر قبضة القيادات القديمة، ويكرس التداخل مع أجهزة السلطة، أم سيعطي أملا بتغير ما؟
المتابع للجدل والنقاش والاستعدادات الفتحاوية، خصوصا في رام الله، يعرف ويرى أنّ عمليات السفر من مدن الضفة الغربية تحديداً، إلى رام الله، قائمة على قدم وساق، وذلك بهدف النقاش بين أعضاء المؤتمر. وهناك الكثير من "الكولسات"؛ بعضها يتعلق بعملية الانتخاب التي ستجرى في المؤتمر، وبعضها يتعلق بتطوير هيكلية الحركة وبرامجها.
باتت مسودات البرنامج السياسي المقترح للحركة، متداولة بين أيدي عدد كبير من أعضائها، وحتى بين المعلقين والمحللين والمتابعين والسياسيين، من غير المنتمين للحركة، بل هناك أكثر من مسودة يجري تداولها، بحيث تتضمن تعديلات جديدة تتمخض عن النقاش الداخلي في الحركة.
إحدى أبرز الملاحظات التي يمكن إيرادها على الجدل والنقاشات الدائرة، أنّ موضوع عضوية القيادي السابق في "فتح" محمد دحلان، ومؤيديه، باتت من الماضي، أو على الأقل ليست جزءا من النقاشات، ولا تثير اهتماماً في المنتديات واللقاءات التي تجري، بشكل شبه علني، وغير رسمي. وهذا مؤشر على أنّ قضايا أخرى تحتل الاهتمام الآن، وأن بنية الحركة مصاغة بطريقة يمكنها احتواء خروج أو إخراج قيادات فيها، من دون توقف كبير.
من الأسئلة التي تثار: هل هذا المؤتمر "انتخابي" وحسب؟ إذ بحسب بعض الكوادر، فإن التركيز على من سيجري انتخابه مجددا للجنة المركزية يطغى على ما عداه، وأنّ هذا خطأ، حتى إن كان حجم العضوية في المؤتمر يجعل نقاش قضايا برامجية أمرا صعبا، ويجعله أشبه بمؤتمر تصويت واستفتاءات، منه منتدىً للنقاش. هذا رغم أنّ عضوية المؤتمر تقلصت للنصف مقارنة بالمؤتمر السادس (أضيف في العام 2009 عدد كبير من الأشخاص في اللحظات الأخيرة قبل المؤتمر الذي عقد في بيت لحم).
ويُثار سؤال ثانٍ: هل سيجري ضخ دماء جديدة في البنى القيادية للحركة، وتنحية عدد من القادة المؤسسين والكبار، ممن مضى على وجودهم في القيادة 40 أو 50 عاما؟ أم سيتمسك هؤلاء بالتواجد؟ وبعضهم لم يُنتخب في المؤتمر السادس، وقد يحاول العودة الآن؟
أمّا السؤال الثالث فهو: هل سيعاد الاعتبار للوجه الشعبي للحركة، ويجري النص على قرارات جديدة، وأنظمة، تقلل من التمازج بين أجهزة السلطة الفلسطينية، والحركة، وبالتالي التركيز على الحركة كإطار للعمل الشعبي؛ أم سيجري تأكيد على حركة "فتح" باعتبارها حزب السلطة؟ وهذا سيتأكد، مثلا، إذا ما انتخب قادة من الأجهزة الأمنية الراهنة لعضوية اللجنة المركزية.
أما سؤال البرنامج السياسي للحركة، فهو أيضاً محوري، لكن في الواقع ليس ثمة طموح أبدا بتوقع برامج جديدة، لأنّ التغيير الأساسي الذي يمكن أن يؤدي ببرامج جديدة، يتعلق ببنية وهيكلية الحركة، سواءً على مستوى القاعدة أو القيادة والقمة، لأنّ هناك حاجة لفكر جديد للحركة، يواكب المراحل الجديدة، وأهمها تعثر حل الدولتين، والمفاوضات، ويواكب تغيرات العالم بدءا من التغيرات الاجتماعية والسياسية المتصلة بالعولمة وتغيرات التكنولوجيا، وصولا للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، وما يبدو من أنه واقع عالمي جديد، أقل اهتماماً واكتراثاً بالقانون الدولي، وبالمنظمات الدولية، وبالشرعية الدولية، التي هي محور اهتمام وجهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ولعل انسحاب روسيا من فكرة الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، مؤشر على العالم الجديد المتوقع.
من أكثر ما يغيب عن "فتح"، وجود تيارات وبرامج سياسية متباينة فيها، فالأمر يكاد يغيب لصالح الغرق في مواجهة الأزمات اليومية التي يوجدها الاحتلال، وأعباء السلطة. ومن غير المتوقع أن ينتج عن المؤتمر أي فكر جديد. ولكن إذا جرى النجاح في بعض التجديد في الأطر القيادية والأنظمة، وجرى التخلص من ملفات عالقة في الحركة، فقد يؤدي ذلك لمرحلة فيها تجديد ما.