مؤثرات "السوشال ميديا".. معايير جمالية "خيالية" تقلل ثقة الفتيات بأجسادهن

Untitled-1
Untitled-1
رشا كناكرية عمان – مع كل ظهور على “السوشال ميديا”، يتسبب “مؤثرون” بضعف لتقدير الذات وغياب لمفهوم الرضا لدى متابعين يرغبون بالتشبه بهم، سواء في الملامح أو شكل الجسد وحتى بأمل عيش تلك الحياة “الوردية” التي يرونها على مدار الساعة. هؤلاء المشاهير على “السوشال ميديا” يلعبون دورا بارزا في مختلف المجالات، أبرزها الموضة والعمليات التجميلية التي يروجون لـها ويشاهدها عشرات الملايين. كما يشاركون تفاصيل حياتهم بحذافيرها. وأكثر ما يؤثر في الفتيات “مؤثرات” يغيرن في وجوههن وأجسادهن باستمرار، وصولا لنماذج “استثنائية”، تصبح هاجسا لدى متابعات يرغبن بالتشبه بهن بأية طريقة.

فقدان الثقة بالنفس

شهد( اسم مستعار)؛ واحدة من المتابعات لمؤثرات على السوشال ميديا، تشعر بحالة من الحزن عند مشاهدة يومياتهن،. ويتملكها احساس بـ “النقص”، لافتقادها لمقومات جمالية تراها على هذه المواقع، كما تقول. تشعر شهد بالإحباط وقلة الثقة بالنفس، مع عدم رضاها عن شكلها، متمنية أن تكون ملامحها قريبة ممن تراهن على صفحات السوشال ميديا، سواء بجسد رشيق ووجه جميل، وملامح لافتة. دكتورة الصحافة والإعلام في جامعة البترا رشا اليعقوب تبين أن للسوشال ميديا تأثيرات كبيرة، خصوصا مع ظهور أشخاص يطلقون على أنفسهم القابا مثل “اليوتيبر و الأنفلونسر”، هدفهم الشهرة وجمع الأموال من خلال أعداد المشاهدات والمتابعين. المظهر الذي يتم تسويقه على منصات التواصل الاجتماعي أصبح “الدارج” في هذه الأيام. كما في المجلات، إذا لم يكن على غلافها فنانة أو موديل جميلة، لا تباع أو يتم تسويقها، كذلك في منصات التواصل التي تركز على الشكل، وفق اليعقوب. وتتابع اليعقوب، إن هذا التأثير ينتج عنه شعور بالإحباط لدى أغلب المتابعين وخاصة الفتيات، إذ تشعر المرأة بغياب الثقة بنفسها وشكلها . موضحة أن مؤثري منصات “السوشال ميديا” أشخاص متفرغون على عكس ربة المنزل والمرأة العاملة، التي لديها الكثير من الواجبات والالتزام. لذلك حينما تتصفح هذه الصفحات قد تصاب بالاحباط والحزن لأن هذا النموذج الذي ترغب أن تعيشه.

السوشال ميديا وصورة الجسد

في دراسة أجرتها جامعة فلايندرز في أستراليا، عن علاقة تربط الوقت الذي تمضيه الفتاة عن شبكة الإنترنت بضعف تقدير ذاتها، وعدم رضاها على صورة جسمها. وبعد إجراء مقابلات مع أكثر من 1,000 فتاة في المرحلة الثانوية، وجد الباحثون أنّ مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة المحادثات حول المظهر الخارجي. وعلى الرغم من أن 80 % من الفتيات المشاركات في الاستطلاع يتمتعن بوزن طبيعي، إلّا أن النصف تقريبا (46 %) لم يكن راضيات عن أجسادهن. وتشير هذه الأرقام إلى أنّ مخاوف العديد من الشابات حول صورة جسمهن لا يرتبط فعلاً بموضوع الوزن الزائد، بل بمقارنة أنفسهن بـ”المعايير” غير الواقعية التي حددها المشاهير، والتي هي في الواقع أبعد ما يكون عن المعايير الطبيعية. ومن جهة أخرى وضحت اليعقوب أن النظرة الذكورية للمرأة مقارنة مع ما يراه الرجل على السوشال ميديا، يجعلها محاصرة نفسيا مع مقارنات وضغوطات تحمل تبعات عديدة. هذا الأمر ابتداء “المجلات والصحف وصولا إلى المرئي التلفاز والسوشال ميديا”، وضع المرأة في حالة من المقارنة الدائمة، لافتة اليعقوب الى أن هنالك أشخاصا دخلوا بمرحلة “ادمان”،. فالتأثير يبدأ باهتمام وجذب انتباه وصولا للشغف وما بعده هوس وادمان. ومن جانب آخر، هنالك من قد يخسر صحته وجسده فقط للحاق بموضة و”ترند” عمليات التجميل، وصولا للشكل الذي يراه ويرغب به.

"هل هو حب الجمال وإن كان بأي ثمن؟"

تعتقد اليعقوب أن السبب الرئيسي في إدمان السوشال ميديا والانغماس بها؛ “الفراغ القاتل” الذي يعيشه البعض فهم لا يستثمرون وقتهم بأمور مفيدة. لذا عليهم مراقبة أنفسهم ومعرفة عدد الساعات التي يقضونها على منصات التواصل. وكشفت دراسة في جامعة ميلان في إيطاليا إلى أن قضاء ساعات طويلة أمام الهاتف على وسائل التواصل لها تأثير ضار على صحة الجهاز المناعي للإنسان مما يتسبب في الإصابة بالأمراض. وأشارت مجلة (journal of school nursing) ان استخدام الإنترنت بشكل عام لأكثر من 14 ساعة يوميا قد يعرض الأشخاص إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وتنوه اليعقوب أن طريق النجاة من هذا التأثير يكمن في الوصول إلى شعور الرضا عن النفس والقناعة بالشكل وجماله وأن يمتلك الشخص الثقة إلى جانب قوة الشخصية.

الفلاتر وأثرها

تؤكد اختصاصية الجلدية والليزر والتجميل الطبي الدكتورة راية حجازي أن هنالك تأثيرا كبيرا لـ “السوشال ميديا” على النساء بالرغم من أن نصف ما يظهر عليها “غير حقيقي”، وأشكال الفتيات التي نراها تعتمد على الفلاتر والمكياج الثقيل. بالإضافة إلى عمليات التجميل، لإعطاء المظهر الخيالي، وهو ما يؤثر في النساء ويشعرهن بالنقص في بعض الأحيان لو لم يمتلكن هذا المظهر. وتوضح حجازي أن هذا النقص ناجم عن رؤية أمور غير واقعية. فالفلاتر تغير ملامح الوجه بشكل كبير، إضافة إلى الإضاءة والمكياج التي تعطي نتائج غير واقعية. وتنوه أن هنالك اقبالا كبيرا من قبل النساء على عمليات التجميل بحثا عن الرضا أو اتباعا للموضة “الترند”، منها الحنك العريض والغمازات في الوجه. ولكن المشكلة أن البعض لا يناسبهم القيام بمثل هذه العمليات لذلك يتم رفضها من أطباء إذا كانت في غير مكانها الصحيح، إذ يجب أن يعلم الشخص ماذا يريد وما يناسبه عندما يقدم على هذه الخطوة. وتتابع أن هنالك سيدات لديهن توقعات خيالية، أو ما يسمى بنموذج لعبة “الباربي” وشكلها، بالإضافة إلى من تريد أن تنقص وزنها وصولا لـ “النحافة المفرطة”، وفق ما تراه على السوشال ميديا. وتلفت حجازي الى أن القيام بالعملية أو رفضها هو أمر يعود للطبيب ومهنيته، وهذا الأمر يختلف من شخص لآخر، مبينة أن هنالك بعض العمليات تكون بمكانها الصحيح وهذا أمر إيجابي، والعكس صحيح. ووفق حجازي، فإن من تأتي إلى عيادة التجميل، وهي لا تعلم ماذا تريد وتسعى فقط إلى تغير شكلها؛ أمر خطير، خصوصا حينما تكون غير راضية عن جسدها وملامحها، وتسعى للتشبه بإحدى المؤثرات من المشاهير. ومن الجانب النفسي، يبين اختصاصي علم النفس الدكتور علي الغزو أن المشكلة تكمن بالتقليد الأعمى الناجم عن غياب الثقة بالنفس، وعدم الوعي والادراك بسلبيات هذا الأمر. ونتيجة حالة غياب الرضا الحقيقي، لذا يلجأن لـ “عمليات تجميل” لزيادة ثقتهن بأنفسن. ويتابع الغزو، أن قلة الوعي وحب تقليد الآخرين عند كثير من الفتيات يعود لغياب القناعة، أو ما يسمى بالتقليد المبنى على المباهاة، مؤكدا أن تعزيز الثقة بالنفس والرضا والوعي بالذات، طريق نحو النجاة من هذا الشعور السلبي.اضافة اعلان