مؤسسات وخبراء يعاينون خطة تحديث القطاع العام في التعليم

مؤسسات وخبراء يعاينون خطة تحديث القطاع العام في التعليم
مؤسسات وخبراء يعاينون خطة تحديث القطاع العام في التعليم
فيما أعلنت الحكومة الأردنية، الأسبوع الماضي، عن خطة لتحديث القطاع العام تتضمن إلغاء وزارات ودمج أخرى، وحددت فيها مجموعة من المكونات كأولوية قصوى للتحديث، وتشمل: الخدمات الحكومية؛ والإجراءات؛ والرقمنة؛ والهيكل التنظيمي؛ والحوكمة؛ ورسم السياسات؛ وصنع القرار؛ والموارد البشرية؛ والتشريعات؛ والثقافة المؤسسية، بحيث تشكل هذه المكونات إطارات لتحديث القطاع العام، كان قرار دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ومؤسسة التدريب المهني تحت مسمى وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، من أكثر القرارات التي وضعت خطة التحديث تحت سهام النقد، وعاد الرأي العام للتساؤل: هل لدى الحكومة نية جادة في إصلاح التعليم؟ وهل تعتبر التعليم الجيد أولوية قصوى في طريق النهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق الرفاه المنشود؟ فدمج وزارتي التربية والتعليم بوزارة التعليم العالي نُفذ مراتِ عديدة قبل التراجع عنه دون أن يحدث أثراً ذا قيمة، ولم يلمس من قريب أو بعيد التحديات التي تواجه القطاع التعليمي، وعلى رأسها الحاجة للمعلمين والمدارس، والتعليم ما قبل المدرسي، وتطوير المناهج لتواكب المناهج العصرية، ناهيك عن انخفاض نسبة الانفاق على التعليم حيث انخفضت إلى أقل من1- 3 % خلال السنوات الأخيرة. "خطة تحديث القطاع العام في التعليم: قراءة نقدية" كان عنوان جلسة حوارية عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) لمناقشة تداعيات وأثر دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ومؤسسة التدريب المهني تحت مسمى وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، والتي تحدث فيها كل الوزيرين السابقين للتربية والتعليم: د. إبراهيم بدران، والدكتور عزمي محافظة، وأدارتها العضو المؤسس للحملة الوطنية للعودة إلى المدارس الدكتورة أسيل الجلاد. وفي الحديث عن أهمية الجلسة، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض)، سمر محارب: "إنها تنسجم مع إيمان الجميع بأهمية تطوير المنظومة التعليمية في سياق تطوير القطاع العام، وذلك يتأتى بالحوار الوطني والاستماع لكل الأطراف، فلدينا مشكلة دائماً بمحاورة المسؤولين والتنسيق معهم، كما أن التعليم أحد أهم الركائز التي تعمل عليها منظمة النهضة العربية (أرض) في برامجها، مضيفة "هذا ما دفعنا لإطلاق استراتيجية التعليم للسنوات الثلاث القادمة وهي: استراتيجية تتبع نهجاً شاملاً للتعليم يأخذ في الحسبان ضمان حق وصول جميع فئات المجتمع إلى التعليم الجيد؛ وتوفير أطر لدمج التعلم مع سبل العيش ومقومات الحماية من انتهاكات حقوق الإنسان؛ والمساءلة في العملية التربوية والتعليمة وتطوير التشريعات والآليات المتعلقة بذلك". استهلت الجلاد اللقاء بالحديث عن التحديات الكثيرة التي مر بها قطاع التعليم، مشيرة إلى ضرورة أن تنجح خطة تحديث القطاع العام بتجاوز هذه التحديات، وعلى رأسها تعويض الفاقد التعليمي بسبب جائحة كورونا، فضلاً عن تحديات التعليم المهني، والتعليم ما قبل المدرسي، والحضانات ورياض الأطفال، وإلا فإن الدمج والتحديث سيكونا بلا أي قيمة. بدوره؛ اعتبر الدكتور إبراهيم بدران، أن الدمج لم تتح له الفرصة ليدرس بعمق ويكون له أهداف، كما أنه لم يبنَ على مؤشرات رقمية لحالة التربية والتعليم والتعليم العالي والتدريب المهني، ولم يتعهد برفع هذه المؤشرات، مؤكداً أن أهداف الدمج التي لم يعلن عنها كان يجب أن تكون المؤشر والمنارة للإجراءات المتخذة، فإذا لم نعرف الهدف الذي نريده فلا فائدة مما نفعله. وأضاف "أن أصول التحديث ومنطلقاته يجب أن تحقق مجموعة من الأهداف، وعلى رأسها رفع كفاءة الأداء، ومعالجة نقاط الضعف في القطاع محل التطوير، ثم الانفتاح أكثر نحو المستقبل بسبب التغيرات الضخمة التي تحدث، وإحكام التشبيك بين المؤسسات ذات العلاقة، و تحسين نوعية المخرجات، و بناء شخصية الطالب في المراحل المختلفة وتعلم المهارات وتحفيز الإبداع، وتأهيل المعلم، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: هل نمط الحكومة في هذه الرؤية يحقق تلك المتطلبات؟ وتساءل بدران: "في ظل هذا الدمج هل ستكون البيئة المدرسية هي البيئة التي نريدها للطالب في القرن الحادي والعشرين؟ وهل ستقوي علاقة التعليم بالقطاعات الاقتصادية، وتساعد على تحسين العلاقة مع المجتمع المحلي؟، وهل سيساهم هذا الدمج في تخفيض فقر التعلم الذي يسببه الضعف في اللغة والكتابة والاستيعاب؟، فمؤشر فقر التعلم لدينا نسبته 52% والمتوسط العربي 48%، مشدداً على ضرورة الإنفاق على البحث العلمي الذي لا يستخدم إلا لغايات الترقية، حيث تراجع الإنفاق عليه ليصل الى 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي". وقال الدكتور عزمي محافظة: "إن خطة تحديث القطاع العام هي الضلع الثالث بعد تحديث المنظومة السياسية ورؤية التحديث الاقتصادي، فالقطاع الإداري في الأردن يعاني من ترهل شديد وتقوم عليه هيكليات تقليدية، لذلك اقترحت رؤية تحديث القطاع العام هياكل جديدة ورشيقة، وثقافة مؤسسية جديدة، لكن عند الخوض في التفاصيل يتبين لنا أن توجهات التحديث خالفت مطالبات رؤية التحديث الاقتصادي رغم أنها مستندة عليها، ففي مجال التعليم بالذات كان المقترح وجود مجلس تنمية بشرية بحيث لا يكون جزءاً من وزارة التربية والتعليم". وأضاف "أنه لا ضرورة لوجود وزارة التعليم العالي من الأساس، فالجامعات يجب أن تكون مستقلة ولديها تمويل كافٍ، مشدداً على إمكانية تطبيق خطة تحديث القطاع العام إذا أجرينا تعديلات عليها، ومن ضمنها ضرورة وجود مجلس سياسات للتعليم والتعليم العالي باعتباره أولى من الدمج". وفيما يتعلق بالتدريب المهني؛ أكد أنه يجب أن ينبثق من حاجة سوق العمل والصناعة والقطاع الخاص، فهي القطاعات التي يجب أن يستهدفها وليس وزارة التربية والتعليم التي لن تستطيع تنظيمه بالشكل الكافي، كما أن الاهتمام بالتكنولوجيا من أولى الأولويات إذا أردنا النهوض بالتعليم بجميع مجالاته، فالتكنولوجيا هي مستقبل التعليم. وأكد الحاضرون على ضرورة استمرار مثل هذه اللقاءات ضمن مجتمع النهضة التربوي، وقدموا توصيات بالعمل على توحيد مرجعيات التعليم، وإحداث مفهوم جديد للإدارة العامة في الأردن يستند على الإدارة الرشيقة واللامركزية، وتفصيل المؤسسات الإدارية حسب احتياجاتنا ومشاكلنا، وجعل الطلبة محور العملية التعليمية، وتعزيز دور الجامعات والبحث العلمي في الاستجابة إلى القضايا الملحة التي يواجهها الأردن، وضرورة تطوير مهارات الكوادر الأردنية ووضع خطط لنموها المهني قبل تحديث القطاع العام، فالتحديث لن يحقق أي نتيجة ما لم يسبقه استثمار في مهارات وتوجهات العاملين فيه، والشراكة مع المجتمع المدني بكافة أطيافه. يشار إلى هذه الجلسة هي ثاني الجلسات التي تحتضنها منظمة النهضة (أرض) لمناقشة خطة تحديث القطاع العام، حيث سبقها الاسبوع الماضي جلسة حوارية بعنوان "خطة تحديث القطاع العام وأثرها على القطاع العمالي والاقتصاد الأردني" وشاركت بها منظمات مجتمع مدني وخبراء في الاقتصاد وسوق العمل.اضافة اعلان