مؤسسة عالمية للزكاة ضرورة

محمود الخطاطبة مؤسسة عالمية للزكاة.. هي دعوة أطلقها الأمير الحسن بن طلال، قبل عشرات الأعوام، لكنها لم تلق أي صدى، ولم تر النور حتى الآن.. ليُجددها سموه، مرة جديدة، خلال لقاء حواري عُقد قبل أيام، بعنوان «عالمية الزكاة: الأبعاد والتمثلات المؤسسية – نحو مؤسسة عالمية للزكاة والتكافل الإنساني». في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، التي يعيشها مُعظم دول العالم، ومن بينها الأردن، مع ما يُرافق ذلك من ازدياد في مُعدلات الفقر، وارتفاع نسب البطالة، وتآكل الطبقة الوسطى، إن لم يكُن تلاشيها.. في ظل ذلك كُله، بات من الضرورة، لا بل الضرورة القُصوى، إيجاد مؤسسة عالمية للزكاة، تضمن تأمين المأكل والتعليم والعلاج، وقد يصل التكافل الإنساني هذا إلى درجة تأمين سكن لأُسرة معوزة. فخطورة اتساع الفجوة ما بين الفقراء والأغنياء، وانحسار الثروات بين أياد قليلة، ونهب دول، تدعي التقدم والرقي والإنسانية، يُنذر بكوارث وأزمات، ستجر الدمار على الكثير من البشرية.. الأمر الذي يدعو إلى ضرورة تبني مثل هذه الرؤية أو المُبادرة. وبعيدًا عن أن الزكاة هي رمز للتعاطف، والتآخي، والشعور مع الآخر، خصوصًا إذا ما كان محدود الدخل، فضلًا عن أنها دليل على زيادة الخير، وتعميق مفهوم الإنسانية، إلا أن وجود مؤسسة عالمية للزكاة، فإنها حتمًا ستكون سببًا رئيسًا في القضاء على الفقر والفقراء، أو على الأقل، تخفيض الأرقام المُتعلقة بذلك. كما أن وجود تلك المؤسسة، يُعتبر ركنًا أساسيًا في إحياء أو إنعاش الطبقة الوسطى، والتي هي بمثابة ركيزة مهمة وضرورية لبناء أي دولة، والمُحافظة على ديمومتها وتقدُمها وازدهارها.. فعندما توجد طبقة وسطى قوية، يكون هُناك دولة قوية، ذات بُنيان مرصوص، نوعًا ما، نسب الفقر والبطالة فيها ضمن المُعدلات المعقولة. الكثير يتوقع بأنه لا توجد تحديات حقيقية تقف عائقة أمام إنشاء مؤسسة عالمية للزكاة، يستفيد منها الجميع، الصغير قبل الكبير، بعيدًا عن العرق أو اللون أو المُعتقد، فالفوائد التي سيتم جنيُها جراء الإقدام على هذه الخطوة كثيرة، تفوق سلبيات «تطنيشها».. فوجود مثل تلك المؤسسة، يُساهم إيجابيًا في التنمية بشكل عام، وتحسين الاقتصاد، لا بل ستحد من الآثار السلبية للتضخم الاقتصادي، وهو ما يؤكده خُبراء. إذًا يتبقى الخطوة الأساسية والأهم، وهي الإرادة لإنشاء تلك «المؤسسة»، ومن ثم التنفيذ.. ولو كان هُناك مُعيقات تحول دون تنفيذ ذلك على المُستوى العالمي، فما هو المانع من إيجادها على مُستوى الدول العربية والإسلامية، أو أن تقوم كل ثلاث أو خمس دول بإنشاء مؤسسة زكاة، يستفيد منها أفراد هذه الدول، خصوصًا المُحتاجين منهم. وفي حال نجاح هذه التجربة، والتي تصل إلى نسبة أكثر من 90 بالمائة، فإنه يتم عرضها على بقية الدول، بُغية تطبيقها، في خطوة رائعة للوصول إلى «عالمية الزكاة».. فالجميع، ليس الأفراد فقط، بل الدول أيضًا، بحاجة إلى مثل هذه المُبادرات الإنسانية، التي تنم على أن الخير سيبقى موجودًا، لكنه بحاجة إلى من يدفعه أو يُظهره. المقال السابق للكاتب اضافة اعلان