مؤشرات اقتصادية تدعو إلى "التشاؤل"

مختلف المؤشرات الاقتصادية والسياسية المحلية والإقليمية والدولية تدعونا الى أن نكون "متشائلين" تجاه مستقبل الأوضاع الاقتصادية في الأردن. استعرنا هذا المفهوم الذي نحته "اميل حبيبي" في روايته الشهيرة "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" للتعبير عن تقييمنا لمستقبل الأوضاع الاقتصادية الأردنية؛ إذ بالقدر الذي تدفعنا بعض المؤشرات الى التشاؤم، هنالك مؤشرات تدفعنا الى التفاؤل. ففي الوقت الذي لا يبدو فيه أي أفق لإطفاء بؤر التوتر في الإقليم، حيث السياسات الاستعمارية التي تمارسها دولة "الاحتلال الإسرائيلي" مستمرة، والحرب "المترددة" ما تزال قائمة بين بعض القوى الإقليمية في الخليج واليمن، واستمرار حالة الجمود في العلاقات الاقتصادية مع سورية، وتطورها البطيء جدا مع العراق. هنالك مؤشرات على فرض حل سياسي غير عادل للقضية الفلسطينية "يرفضها الجانبان الأردني والفلسطيني" سيرافقها ضخ مليارات الدولارات في المنطقة. وكذلك هنالك الحرب التجارية التي بدأت منذ شهور بين المراكز الاقتصادية العالمية الكبرى المتمثلة في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، هذه الحرب التي بدأت بالتوسع لتصبح حرب عملات، ما يرشحها للتحول الى حرب اقتصادية، يمكن أن تعمق أزمة النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي، والذي يمكن أن يؤدي الى حروب عسكرية. مجمل هذه التداعيات له تأثيرات سلبية وإيجابية في الوقت ذاته على أوضاعنا الاقتصادية في الأردن، سواء بارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية وعلى رأسها النفط، أو بزيادة أو تخفيض المساعدات التي يحصل عليها الأردن من أصدقائه وشركائه الاستراتيجيين. وعلى المستوى المحلي أيضا، هنالك مؤشرات اقتصادية متضاربة؛ حيث ما نزال قلقين على استمرار حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعاني منها منذ سنوات عدة، واستمرار توقعات مختلف المؤسسات المالية الدولية باستمرار حالة التباطؤ لسنوات، واستمرار صندوق النقد الدولي بالإشارة الى أن الاقتصاد الأردني ما يزال يعاني من مشكلات واختلالات، ويطالبه بالمزيد من الإجراءات التي من شأنها التأثير سلبا على المستويات المعيشية لغالبية المواطنين. الى جانب ذلك، هنالك تفاقم للعديد من المؤشرات الاقتصادية؛ حيث سجلت البطالة مستوى قياسيا وصلت فيه الى 19 بالمائة خلال الربع الأول من العام الحالي، وارتفعت بين الشباب لتصل الى 39 بالمائة، وما تزال مؤشرات الدين العام مرتفعة جدا عند مستوى 95 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومرشحة للارتفاع. إلا أنه يمكن القول إن قطاع السياحة في الأردن يدعو للتفاؤل بسبب ارتفاع دخل القطاع السياحي بنسبة 13 بالمائة خلال العام 2018 والأشهر الماضية، وكذلك ارتفاع الصادرات (وإن كانت تتركز في سلع محددة) بنسبة 10 بالمائة خلال الأشهر الماضية، يضاف الى ذلك استمرار احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية والذهب عند مستويات مأمونة بما يكفي لتغطية سبعة أشهر من الاستيراد، الأمر الذي يعزز متانة سعر صرف الدينار الأردني. يرافق ذلك، الاهتمام اللافت للحكومة بتطوير منظومة النقل العام، والتي تعد من أهم الأدوات التي تؤدي الى تعزيز الاقتصاد، وكان آخرها تشغيل أكثر من مائة حافلة ركاب "نقل عام" على عشرات الخطوط، ما سيؤدي الى تفعيل منظومة النقل، ونأمل أن تشمل هذه الإجراءات محافظات أخرى. لا نملك سوى التفاؤل بتحسن الأوضاع الاقتصادية الأردنية؛ إذ إن الحالة الاقتصادية تتأثر بشكل كبير بنظرة الناس وإحساسهم مستقبل أوضاعهم الاقتصادية، فاستمرار التشاؤم سيسهم في تعزيز حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعيشها، وستؤدي الى تفاقم هذه الأوضاع الاقتصادية.اضافة اعلان