مئوية الدولة.. أرض ثابتة وأفق مفتوح

شعار مئوية الدولة الأردنية
شعار مئوية الدولة الأردنية

يقع الوطن العربي في منطقة استراتيجية للغاية من العالم، وفي قلبه، بين مشرقه ومغربه، تشكل الأردن إحدى روافع القومية العربية بإيمانها العميق بأحقية الأمة العربية وجدارتها وأهليتها لتحقيق حالة وجودية وحضارية رائدة على مستوى العالم.اضافة اعلان
واليوم، ونحن أمام مئوية الدولة الأردنية، فإن علينا أن ندرك أولًا أن الأردن تعد بين أعرق الدول العربية؛ حيث تشكلت واتخذت صورتها المستمرة منذ التأسيس في منظومة نموذجية للعلاقة بين رؤى القيادة الهاشمية وتطلعات الشعب الأردني.
ومن منظور الاستقرار والديمومة، فإن الأردن تمثل اليوم التجربة الأنضج عمليًا للدولة العربية، وعلى أكتاف نموذجها المتفرد وفي كنف قيادتها وبعزم أبنائها استطاعت أن تواجه المحن والمصاعب والتحديات الكثيرة التي واجهت المنطقة، وعصفت بكثير من ثوابتها ومبادئها بينما بقيت الأردن قابضة على جمر رسالتها ومتمسكة بمشروعها وحلمها الوطني.
في جوهر فلسفة الحكم في الأردن التي قامت على أساسها الدولة الأردنية مشروع انبنى على الثورة العربية الكبرى وعلى المشاعر الوطنية والقومية لشعب أردني شاب وطموح، كانت المحافظة على علاقة متفردة في أبعادها وتفاصيلها بين مؤسسة العرش والمواطنين كافة ودون تمييز أو إقصاء في مقدمة عوامل نجاح واستمرارية وازدهار التجربة الأردنية.
ففي الأردن، لا يعد لقاء جلالة الملك بالمواطنين حدثًا استثنائيًا بقدر ما يمثل منهجًا في التواصل، ومن مجالس الملك عبد الله الأول، إلى اجتماعات قصر الحسينية مع الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، يستمر النهج ويتعزز وبدلا من شعرة يخشى البعض أن تنقطع في دول أخرى، فإن الأردنيين معتصمون بحبل الله جميعًا وزمامه لدى الأمين المستأمن على تراث الدولة الأردنية ومستقبلها جلالة الملك عبد الله الثاني الذي نذره الحسين، طيب الله ثراه، للأردن والأمة العربية منذ ولادته.
كانت الدولة الأردنية تدخل معترك الريادة على مستوى المنطقة على جميع الأصعدة، وكثيرًا ما رفدت الدول العربية الشقيقة بالخبرات والمؤهلات التي توفرت للأردن خلال فترة قياسية من عمر الدولة، لأن التركيز على الإنسان والاستثمار في بنائه وتأهيله يضرب عميقًا في المشروع الوطني الأردني، ويتضح مدى الإنجاز المتحقق في تاريخ الأردن في الأجيال المتلاحقة من رجاله في مختلف المجالات، فبعد أن كانت موئلا لرجالات الفكر العروبي يلجأون إلى حماها ويقدمون لمشروعها جهودهم وخبراتهم، أصبحت الأردن تتكفل بأن تقدم لأمتها الطاقات البشرية التي أسهمت بصورة ملموسة في تحقيق النهضة في أكثر من بلد عربي بكل إخلاص وتفانٍ وبما يعبر عن الروح الوطنية القومية الأردنية.
لسنا في صدد سرد منجزات الدولة الأردنية، ولا في استعراض المسيرة التي تحققت في مئويتها الأولى، ولكننا في لحظة افتخار واعتزاز وطني ونحن ننظر إلى بلدنا آمنًا سالمًا في عين عاصفة من التحولات الجيواستراتيجية الهائلة، ونحن أيضًا مع فكرٍ قيادي جديد يتطلع لمزيد من البناء والإنجاز في مئوية ستعبرها الأردن محتفظة بأصالتها وثوابتها ومتقدمة في دورها وإسهامها في عالم نسعى كأردنيين لأن تكون مكانًا أفضل لكل إنسان، كما كان بلدنا في مائة عام من تاريخه.