أحمد الشوابكة
مادبا – تتجلى في مادبا حالة التآخي والمحبة بين المواطنين، في مشهد هو انموذج في الوئام الذي تنصهر فيه كل الأديان في أجواء إيمانية أخوية تعيشها المدينة في شهر رمضان المبارك.
ويكتشف الزائر للمدينة حالة الأسرة الواحدة، التي عُرفَ بها أبناء مادبا باختلاف أديانهم، والذين حفروا على جدرانها العتيقة معاني المحبة والسلام واحترام الآخر ومعتقداته وحرمة التعدي عليها.
ومنذ قرون عديدة، يقصد مادبا-مدينة الفسيفساء والتراث العالمية- الوفود والزائرون من مختلف أنحاء العالم، بما تحويه من تنوع ديني وأثري وسياحي وطبيعي فريد ويجدون فيها ما يحبذونه من تعدد ثقافي وديموغرافي، يبقى عالقا في ذاكرتهم، لا سيما الاطلاع على مفاهيم العيش والتآلف بين أبنائها الذين ينظرون إلى الإيمان بالأديان حقا طبيعيا لكل إنسان، الشيء الذي يعزز من حالة الارتباط المليء بالطمأنينة والسلام.
ويشبّه رئيس بلدية مادبا الكبرى المهندس أحمد سلامة الأزايدة، مادبا بمدينة فسيفساء البشر والحجر والتراث، فهي مجمع مسيحي وإسلامي متعايش، منذ 1400 سنة، في جو من المحبة والتآخي، الذي انتقل قبل عقود عديدة من حالة العيش المشترك إلى حالة الوئام والانصهار، الذي لا ينفك فيها المسجد عن الكنيسة، وسط خليط من الحضارات، التي سكنت مادبا التي كانت مقر لكل العابرين بين الشرق والغرب والجزيرة العربية وبلاد الشام.
ويضيف الأزايدة أن مجيء شهر رمضان المبارك عند المسيحيين من أبناء مادبا متوارث، وهم يجسدون وحدة النسيج الاجتماعي قولاً وعملاً، لافتا إلى أن حملة التبرع لطرود رمضان، والتي تطلقها البلدية الجمعيات الخيرية للأسر العفيفة، ما يدل على الأصالة المتناهية وعمق الروابط بين أبناء الشعب الواحد.
وتقول المواطنة أم جريس، أن شهر رمضان في مادبا طقس اجتماعي حميم تسوده تقاليد راسخة تتوارثها الأجيال ابتهاجا برمضان، الذي تتزين فيه البيوت والشوارع بالإضاءة، التي تبعث فرحاً يعيشه الجميع في مادبا.
وأشارت أم جريس إلى أن بعض العائلات المسيحية تحرص على إعداد حلويات رمضان كالقطايف، فلا يمنعها أي عائق أن تقف في طابور طويل للتزود بعجينها، والتبرع بما تجود به النفس نقدا وعينا للأسر العفيفة، وإقامة موائد الإفطار والسهرات الرمضانية التي تحافظ عليها صالونات مادبا ودواوينها العامرة.
ويؤكد المواطن أحمد علي الشوابكة، على مفاهيم التآخي والوئام الراسخ، ومثل ذلك مسجد " الحسين بن طلال "، الذي تبرع بقطعة الأرض، التي بني عليها، أحد أبناء العشائر المسيحية وهو سليم المرار، وأسهم كل أبناء المدينة في بنائه.
ويضيف الشوابكة أن أحد أبناء المدينة من المسلمين رغبتة منه في تعزيز قيم التعايش المجتمعي في مادبا، بنى مسجدا أطلق عليه اسم "السيد المسيح عيسى بن مريم"، الذي يشكل، الآن، علامة فارقة في المدينة وهو يقع على مسافة قريبة من كنيسة في المنطقة، زينت بالعديد من اللوحات، التي عليها آيات من القرآن عن السيد المسيح والسيدة مريم، وتبلغ مساحته ألف متر مربع.
ويذكر، أن مادبا مدينة مقدسة لدى أتباع الأديان السماوية، إذ عبرها النبي موسى عليه السلام، وتعمد السيد المسيح عليه السلام، في واد قريب منها هو وادي الخرار، وقطع فيها رأس يوحنا المعمدان، كما عبر النبي محمد عليه الصلاة والسلام من منطقة أم الرصاص بقصد التجارة قبل النبوة.