مادبا: "عيون موسى" تجمع الدفء والماء والخضراء وحكايا التراث

مشاهد من "عيون موسى"- (الغد)
مشاهد من "عيون موسى"- (الغد)
أحمد الشوابكة مادبا- أمام مشهد طبيعة “ساحرة”، يقف الرائي متأملا شلال عيون موسى الذي تتدفق منه مياه عذبة، وتبقى متعة الجلوس في المغارة هي الغاية التي ينشدها المتعبون من قسوة يوم عمل شاق، وفق الكاتب والمحامي إسلام حيدر الذي أكد أن ينابيع عيون موسى تعد مزاراً للعديد من أهالي محافظة مادبا، ومن خارج المحافظة أيضا. يوضح حيدر أن الكثير من الزوار يقبلون على المكان في يوم الجمعة، خصوصاً من سكان المنطقة، لكسر حاجز الملل والروتين، واللهو والاسترخاء في ينابيع وشلالات هذه العيون، للاستمتاع بمشاهد المغارة التي تنحدر من سفوحها مياه باردة وحارة، وصافية صالحة للشرب. تبدأ رحلة الزير باتجاه بلدة الفيصلية، غربي مدينة مادبا العتيقة، قبيل الوصول إلى جبل نيبو نحو وادٍ بطريقه الضيقة المثيرة، التي تشبه المغامرات الوعرة، بحسب وصف أبو حيدر، “كما لو أنك على موعد مع المجهول”، تنظر من حولك وتبحث في تفحص عميق عن مكان مناسب تقضي فيه بقية يومك مستمتعا بالمكان وجمالياته. وسميت “عيون موسى”، لأن بعض القصص تقول إن نبي الله موسى قد ضرب الصخر بعصاه وأسقى قومه من مائها. وتشتهر عيون موسى في زراعة أشجار الزيتون والرمان والعنب وألوان أخرى من الفاكهة الطيبة، ويتوافد الزوار إلى المنطقة من كل الديانات، وبحسب وصف أحد ساكني المنطقة حمزة البدور، يقول إنه من الصعب أن تمر بالقرب من “عيون موسى” دون أن تتوقف أمام المزروعات الزاهية بخضارها الجميل، والتي نال منها الزمن والإهمال، فباتت دون أنيس يحاكي وحدتها، إلى أن من عليها الله، وقد جعل من الماء كل شيء حيا، فعادت إلى الحياة من جديد، لتبث أملاً جديداً في نفوس سكان المنطقة، ولتعود المنطقة كما كانت تزهو بثقل خيرها وجمالها الساحر المثير. ويضيف أن عيون موسى منطقة شبه غورية، تكسوها أشجار وينابيع متعددة، وتحتضن أكثر من ست كنائس بيزنطية، وآثار قصور قديمة، تقول بعض القصص إن نبي الله إلياس (إيليا) أقام فيها بعد مطاردته من خصومه، وهرب إليها بعد مكوثه في قرية سالم، القريبة من عيون موسى، إلى الغرب الجنوبي، مشيراً إلى أن هذه المنطقة كانت مليئة بالعيون العذبة والينابيع، لتجف بعد ذلك بسبب الآبار التي حفرها الناس فجفت المنطقة، ولم تعد كسابق عهد سكانها بها. وأشار المواطن محمد النوافعة إلى أنه يجب على بلدية مادبا الكبرى إعداد خطة تطوير للمنطقة، لتكون جاذبة للسائحين لقيمتها الدينية والأثرية والتاريخية، مؤكداً أن المياه الموجودة في عيون موسى صالحة للاستهلاك البشري، وأثبتت فاعليتها في شفاء كثير من الأمراض وأهمها الجلدية والروماتيزم والعيون، لذلك يجب الإسراع في إقامة منتجعات سياحية علاجية، للاستفادة من هذا الكنز الطبيعي الذي سيزيد من جذب السائحين، ومن ثم يزيد من الناتج الوطني. واعتبر المخرج حسين دعيبس، أن منطقة عيون موسى أرض خصبة لتصوير المسلسلات والفيديو كليب، لما تتمتع به المنطقة من أجواء مهيأة لتصوير المشاهد، وبخاصة وجود المغارة التي ينساب من صخورها شلال المياه الذي يتدفق نحو مجرى السيل، وبالتالي يجب الاهتمام بها وجعلها مزارا سياحيا للسياح الأجانب وأبناء المحافظة وخارجها، ولن يتأتى ذلك إلا بوجود مشاريع استثمارية تسهم في إطالة مدة إقامة الزائر للمنطقة. في مسار آخر، يحرص المواطنون على قضاء النهارات الدافئة بسطوع شمسها بشكل ملموس، إذ يخرجون منذ الصباح برفقة أطفالهم وبحوزتهم احتياجاتهم إلى عيون موسى، لقضاء يومهم بين أحضان الطبيعة، ما يعكس اطمئناناً نفسياً وحالة استرخاء هم بحاجة لها بعد أشهر من أجواء البرد والمنخفضات الجوية، واضطرار لزوم البيوت. وتمضي العديد من الأسر يومها بالتنزه حتى ساعات الغروب، للاستمتاع بالأجواء الدافئة والطبيعة الخلابة التي تتميز بها المنطقة. ومن جانبه، أكد مدير سياحة مادبا وائل الجعنيني، أن وزارة السياحة تبذل جهودا كبيرة لجذب السائحين لزيارة جميع المزارات السياحية والتاريخية بمختلف مدن المحافظة، خاصة عيون موسى؛ حيث تم وضع زيارة المنطقة في معظم برامج الرحلات السياحية، مشيراً إلى قيام المديرية بتوزيع مطبوعات تحتوي على صور سياحية لجذب السائحين من مختلف دول العالم. وبين المدير التنفيذي لبلدية مادبا الكبرى جلال المساندة، أن بلدية مادبا تمتلك دونمين من أراضي المنطقة، مؤكدا أن أجهزة البلدية تقوم، وبشكل دوري، بحملات نظافة للمنطقة التي يؤمها سياح أجانب لأهميتها التاريخية، داعياً المتنزهين للحفاظ على بيئة المنطقة وعدم رمي النفايات في مجرى الشلال والينابيع، وجمعها في أكياس البلاستيك في المكان المخصص لها.

اقرأ المزيد:

اضافة اعلان