ماذا بعد آخر سفيرة أميركية في الأردن؟

غادرت اليس ويلز سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في الأردن، عمان، في آذار من العام 2017، والسفيرة على الرغم من كل الصخب والضجيج اللذين كانت تسببهما في طوابق عمان العليا، الا انها فازت بلقب آخر سفيرة أميركية في الأردن.اضافة اعلان
لم تعين واشنطن، سفيرا ولا سفيرة، منذ ذلك الوقت، أي ان لا سفير اميركيا في الأردن منذ عامين تقريبا، الا قليلا، وكل الملفات تدار بالوكالة او النيابة عبر دبلوماسي أميركي على رفعة في المستوى، سعى الى خفض دائرة علاقاته وتحركاته جزئيا قياسا على نشاطات ويلز، او سابقها السفير ستيوارت جونز.
البعض يقول ان واشنطن تأخذ على خاطرها جراء كثرة الشكاوى الأردنية السرية ضد السفيرة السابقة، جراء تفوهاتها او تحركاتها، ونقدها أحيانا لمسؤولين أردنيين في مجالس محددة، ولاذع كلامها ضد أسماء محددة، وحتى سعيها لنقل هذه الازمات الى واشنطن، ما أدى الى تذمر أردني من تصرفاتها.
لا أحد يعرف دقة هذه الرواية، التي قد لا تبدو مقنعة لتفسير عدم تعيين سفير أميركي جديد في الأردن، لأن هذه النظرية في التفسير وان كانت صحيحة من حيث الموقف من السفيرة، الا انها لا تقدم تبريرا كافيا، لعدم وجود سفير بديل عن السفيرة ويلز، هذا فوق ان العلاقات الخارجية لا تدار بهذه الطريقة أساسا.
غير ان الذين يثيرون التساؤلات حول سبب عدم تعيين واشنطن، لسفير او سفيرة حتى الآن، يتناسون عدة حقائق، أولها ان العلاقة مع واشنطن، تدار عبر مستويات عليا، تتجاوز السفراء، في عمان وواشنطن، وهناك قنوات آردنية مباشرة بين الديوان الملكي ووزارة الخارجية، مع البيت الأبيض والكونغرس وبقية الجهات، وليس ادل على ذلك من ان الأردن ارتفعت مساعداته في ظل عدم وجود سفير أميركي في الأردن طوال هذه الفترة.
كما ان غياب سفير جديد يثبت ان العمل في السفارة الأميركية، مؤسسي، كون إدارة السفارة، تجري عبر اقسام ودوائر متخصصة، في الشؤون الأردنية المختلفة، سياسيا واقتصاديا، وغير ذلك من ملفات قد تتجاوز الأردن.
الجانب الأهم يرتبط بكون عدم تعيين سفير أميركي جديد في الأردن، منفصل تماما عما يظنه البعض، ضغطا اميركيا على الأردن، او تعبيرا عن موقف سلبي، خصوصا ان واشنطن لم تعين سفراء لها في أكثر من دولة، والغياب ليس حكرا على الأردن.
في كل الأحوال، لا يبدو واقع الحال طبيعيا جدا برغم المبررات السابقة، لان السؤال المطروح الذي لا يمكن التعامي عنه، يتعلق بدوافع واشنطن إزاء هذه الحالة، من حيث تعليق موقع السفير في الأردن طوال هذه الفترة، وهو تعليق لا يبدو منطقيا في كل الأحوال، هذا فوق ان تبريرات الخارجية الأميركية والأردنية والسفارة الأميركية في عمان، ليست قوية وغير مقنعة.
لا يعتبر الأردنيون وجود السفير او عدم وجوده قضية استراتيجية تثير اهتمامهم، اذ انهم في نهاية المطاف ينامون عميقا، ولا تؤرقهم هذه القضية، لكن وجه الاثارة يرتبط بمعنى ودوافع واشنطن، وإذا كانت هذه النقطة ترتبط بجانب فني بحت، ام تعبيرا عن جانب سياسي يتجنب الكل الخوض فيه.
غادرت ويلز عمان وبقي موقعها شاغرا، لكننا نريد ان نفهم اذا كان هذا الامر يعبر عن موقف ما بين البلدين، او انه مجرد تكاسل في الخارجية الأميركية، فلا يجدون وقتا لترشيح سفير، او الحصول على موافقة الكونغرس عليه، خصوصا ان مرور عامين يفتح باب التساؤلات بشكل مختلف عما مضى.