ماذا تعني معارضة قانون حقوق الطفل؟

حسني عايش بما أن مشروع القانون مبني على مبادئ حقوق الإنسان التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الإعلان العالمي لحقوق الطفل سنة 1959 الذي نص عليها إعلان حقوق الطفل في جنيف سنة 1942، واعترف بها فيما بعد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي جميع النظم الأساسية للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل، فإن الحملة الضاربة التي تسن ضد إصدار الأردن قانوناً خاصاً بحقوق الأطفال يشكل خروجاً بائساً وغريباً على القيم الإنسانية المشتركة. • وكأن هذه الحملة الضاربة ضد مشروع القانون تقول إن التمييز بين الأطفال حسب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب… الذي يحرمه المشروع، مقبول بل ومطلوب عند القائمين بها. • ولعلّ هذا يعني موافقتهم لحكومات البلدان التي يوجد فيها أردنيون وعرب ومسلمون كأقلية على التمييز ضد أطفالهم في كل ما ذكر أعلاه. ويزيد عدد هؤلاء الأطفال على مائة مليون. • وكأن هذه الحملة تعني في نظر أصحابها أن الأطفال لا يحتاجون إلى حماية قانونية وعناية خاصة وإن كانوا غير ناضجين جسمياً وعقلياً قبل مولدهم وبعده. وكأن الآباء والأمهات الأميون وأنصاف المتعلمين منهم في نظرهم يكفون، وكأن المجتمع الأردني في نظرهم بدائي وكل جيل فيه نسخة طبق الأصل عن الجيل السابق. • وكأن هذه الحملة ترفض أن تمنح الإنسانية للأطفال خير ما لديها في عالم متغير وسريع متغير ومعقد وشديد التعقيد. • وكأنها ضد تمتع الأطفال بحماية خاصة بالتشريع وغيره. • وكأنها ضد توفير الفرص والتسهيلات اللازمة لهم لإتاحة فرص النمو الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نمواً طبيعياً سلمياً لهم في جو من الحرية والكرامة. • وكأنها ضد تمتع الأطفال بالضمان الاجتماعي واحاطتهم وامهاتهم بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده. • وكأنها ضد حق الطفل/ة في أن ينال قدراً كافياً من الغذاء والمأوى واللعب والخدمات الطبية. • وكأنها ضد إحاطة الطفل/ة جسمياً وعقلياً واجتماعياً بالمعالجة والتربية الخاصة التي قد تقتضيها الحاجة. • وكأنها ضد أن ينعم الطفل/ة بشخصية منسجمة النمو ومكتملة النضج قائمة على المحبة والتفهم. • وكأنها ضد أن تتم تنشئة الطفل/ة وإلى ابعد مدى ممكن برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي الذي يسعى إليه القانون ومبادئ حقوق الانسان. • وكأنها لا تمانع بفصل الطفل/ة عن أمه. • وكأنها ضد تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة، أو المفتقرين إلى كفاف العيش. • وكأنها ضد قانون يوجب على الحكومة وغير الحكومة تقديم المساعدة للأسر الفقيرة ذات الأطفال الكثر. • وكأنها ضد التعليم الإلزامي والثانوي المجاني للأطفال. • وكأنها ضد تكافؤ الفرص بينهم. • وكأنها ضد إتاحة الفرص لهم للهو واللعب الموجهين نحو التعلّم الذاتي. • وكأنها ضد تمتع الأطفال بالحماية والإغاثة بما في ذلك الحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال والاتجار بهم. • وكأنها ليست ضد استغلال الأطفال قبل بلوغهم السن الأدنى الملائم في الاعمال السالبة لكرامتهم. • وكأنها لا تمانع حملهم على العمل، أو تركهم يعملون في حرف وصنائع تؤذي صحتهم، أو تعليمهم، أو تعرقل نموهم الجسمي أو العقلي أو الخلقي. • وكأنها ضد تربية الطفل على روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلام، والأخوة بينها. • وكأنها ضد إدراك الأطفال التام لوجوب تكريس طاقاتهم ومواهبهم لخدمة البشرية جمعاء. هذا ما يفهم من معارضة أو رفض مشروع قانون خاص بالأطفال يحميهم من التعسف. كأن الحاملين عليه يتهمون أنفسهم بسوء التربية وسوء المعاملة لأطفالهم ويخشون أن يُفضحوا بالتدخل القانوني في شؤونهم الخاصة لحمايتهم منهما. عندما يطلع مراقب أجنبي على هذه الحملة ضد مشروع القانون سيعتقد أن أصحابها يعيشون في أوروبا في العصور الوسطى. ولما كان الأمر كذلك فقد يكون لهذه الحملة مآرب أخرى لا يدركها غير اصحابها فهي ليست كالمعارضة الوطنية المعروفة التي تدعو مثلاً إلى تقوية مشروع القانون أو إلى تعديله أو إلى الإضافة إليه، أو إلى تقديم مشروع قانون بديل أفضل. ربما أن هذه المعارضة قائمة على مقولة: «خالف تعرف»، وهي أقصى اهانة يمكن أن تلحق بالأطفال، لأن جميع التهم المكالة لمشروع القانون فبركات لا أساس لها من الصحة. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان