ماذا تقرأ عن السلفية؟

أسامة شحادة*

مع تصدر التيار السلفي للمشهد في العالم العربي، برزت الحاجة إلى معرفة ماهية وحقيقة السلفية؛ لأن الكثيرين يستقون معلوماتهم عن السلفية من مصادر غربية، أو مصادر تهاجم هذا التيار عن جهل أو عمد. كما أن آراء وسلوكيات بعضهم تعطي تصورات غير صحيحة عن السلفية. وقد طلب مني عدد من الأصدقاء أن أرشح لهم عددا من الكتب التي تتحدث عن السلفية، حتى يطالعوها ويتعرفوا أكثر على المنهج والدعوة السلفية ورؤيتها وموقفها من القضايا العصرية، وخاصة في المجال السياسي، فأحببت أن أقدّم قائمة بالمؤلفات التي تبين وتشرح الرؤية السلفية.اضافة اعلان
وهذه الكتب تمثّل الدعوة السلفية بشكل عام، وليست معبرة عن رؤية سلفية لهذا البلد أو ذاك، أو تتناول تيارا بعينه؛ بل تعرض وجهات نظر متباينة حول بعض القضايا الواقعية والسياسية، ما يعكس اعتماد السلفية على الاجتهاد، ورفض البقاء في قوالب جامدة تعجز عن التفاعل مع أحداث الحياة ومتغيراتها. وبالطبع، لا يشمل حديثنا ما يسميه الإعلام "السلفية الجهادية".

أولاً: كتب تشرح المنهج السلفي
يعدّ كتاب الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق "الأصول العلمية للدعوة السلفية"، من أهم الكتب المختصرة التي تقدم رؤية شاملة للسلفية: أصولها (التوحيد، والاتباع، والتزكية)، وأهدافها (إيجاد المسلم الحقيقي، والمجتمع المسلم، وإقامة الحجة لله على الناس بالدعوة والبلاغ، والإعذار إلى الله بأداء الأمانة)، ومميزات الدعوة السلفية (تحقيق التوحيد، وتحقيق الوحدة، وتيسير فهم الإسلام).
ويأتي هنا كذلك كتاب "السلفية" الذي يضم تفريغا لأربع محاضرات للعلامة
تقي الدين الألباني، هي: أصول السلفية، والسلفية والمذاهب، وشبهة حول السلفية، وحقيقة السلفية. وقد قام بتفريغها ونشرها عمرو عبدالمنعم سليم.
وهناك كتب د. مصطفى حلمي حول السلفية، مثل "قواعد المنهج السلفي"، و"السلفية بين العقيدة الإسلامية والفلسفة الغربية"، و"المنهج السلفي.. لا الحداثة طريق النهضة". وتعد كتب د. حلمي بمثابة رؤية فلسفية تحليلية مقارنة للمنهج السلفي.
وهناك كتاب "المختصر الحثيث في بيان أصول منهج السلف أصحاب الحديث" للشيخ عيسى مال الله فرج، وهو يشرح أصول السلفية بأمثلة وأدلة، وبلغة سهلة واضحة لعامة الناس.
وقريب منه كتاب الشيخ عبدالله العبيلان "الإصباح في بيان منهج السلف في التربية والإصلاح"، الذي قدم 54 قاعدة توضح رؤية السلفيين وطريقة تعاملهم مع الشريعة والحياة.
أما كتاب "السلفية وقضايا العصر" للدكتور عبدالرحمن الزنيدي، فقد ناقش موقف السلفية من قضايا المعرفة كالعقلانية والعلمية والتراث، وقضايا الوجود كالتطور والقيم والإنسانية، وهو كتاب فريد في بابه.
ويأتي كتاب "الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية"، للدكتور مفرح القوسي، ليرصد الموقف من السلفية عند العقلانيين الإسلاميين من أتباع الفرق الإسلامية القديمة (المعتزلة والأشاعرة والماتريدية)، أو الاتجاهات الحديثة في الفكر الإسلامي كالغنوشي والترابي والجابري وغيرهم، ويرصد كذلك مواقف العلمانيين الليبراليين واليساريين من السلفية.
ونكتفي بهذه المجموعة من الكتب بخصوص المفهوم السلفي وأصوله وأسسه، والتي تقدم رؤية صحيحة وشاملة للسلفية بدلاً من الصورة المشوهة السائدة في الإعلام والدراسات الأكاديمية التي تعتمد على مصادر وسيطة ومعادية للسلفية، خلافاً للموضوعية والأسس العلمية للكتابة الأكاديمية.

ثانياً: كتب تعالج الرؤية السياسية للسلفية
فيما يلي كتب سلفية تقدم رؤية متباينة للموقف السلفي من السياسة. فمثلاً، كتاب "السياسة التي يريدها السلفيون" للشيخ مشهور حسن، وكتاب "مسائل علمية في الدعوة والسياسة الشرعية" للشيخ علي الحلبي، تعبر عن رؤية مركز الإمام الألباني في الأردن. وهناك كتاب "مراجعات في فقه الواقع السياسي"؛ وهو حوارات مع العلامة ابن باز والشيخ الفوزان والشيخ السدلان، وكتاب "الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات" للعلامة ابن عثيمين، يمثلان رؤية علماء السلفية في السعودية.
أما كتاب "المسلمون والعمل السياسي" للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، فيعدّ أول كتاب سلفي معاصر ينظّر للمشاركة السلفية السياسية من جديد، والذي بسببه شارك السلفيون في الكويت والبحرين منذ وقت مبكر في العملية السياسية. ويلحق به كتاب "المفهوم السلفي للعمل السياسي" لمحمد أبو زيد مصطفى، وهو بحث قدم لمؤتمر علمي لجماعة أنصار السنة بالسودان العام 1989، لحسم الموقف من إقرار المشاركة السياسية، وهو ما يدعو إليه الكتاب.
ويأتي كتاب "المتغيرات والثوابت في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر" للدكتور صلاح الصاوي، ليقدم رؤية اجتهادية لعدد من القضايا المثارة على الساحة الدعوية في تسعينيات القرن العشرين، والتي تغيرت المواقف تجاه البعض منها عقب الربيع العربي.
وأما كتاب "التفجيرات والاغتيالات" للشيخ أبي الحسن المأربي، فهو من أفضل الكتب السلفية لمحاربة فكر العنف والتطرف بالحجة والدليل. ومما يجب التنبه له أن السلفية لا علاقة لها بجماعات التكفير أو العنف لا من قريب ولا من بعيد.
وبعد ثورات الربيع العربي وتغير الأحوال، شارك السلفيون في أكثر من بلد بالعمل السياسي؛ فقد تأسس حزب النور والأصالة في مصر، وحزب الأصالة في تونس، وحزب الإرشاد في اليمن، وهناك حزب الوسط في السودان الذي تأسس قديما. ولذلك، صدر عدد من الكتب تبحث مسائل وأحكام المشاركة السياسية.
فالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في مصر أصدرت عدة دراسات مهمة بهذا الشأن، مثل: "المشاركة السياسية المعاصرة في ضوء السياسة الشرعية" للدكتور محمد يسري، و"الأحكام الشرعية للنوازل السياسية" للدكتور عطية عدلان، و"الموازنة بين المصالح والمفاسد وأثرها في الشأن المصري العام بعد الثورة" للشيخ محمد عبدالواحد، و"دراسة حول التعددية الحزبية وحكم التحالف مع الأحزاب العلمانية" للدكتور هشام برغش. وأصدر د. صلاح الصاوي عدة كتب منها: "التعددية السياسية في الدولة الإسلامية"، و"فتاوى السياسة الشرعية".
وصدر عن المركز العربي للدراسات الإنسانية في القاهرة عدة دراسات مهمة، مثل: "الحسبة السياسية والفكرية" للشيخ محمد شاكر الشريف، و"الخيارات السياسية للتيارات السلفية" وهي تفريغ لعدد من الندوات وورش العمل، وكتاب "واقع المسلمين بين فقه الاستضعاف وفقه التمكين" للباحث المتميز أحمد سالم، والذي سبق له إصدار كتاب "الدولة المدنية مفاهيم وأحكام".
هذه بعض الكتب المهمة التي تقدّم تصور السلفيين على مختلف توجهاتهم للعمل السياسي، وهي كفيلة بتوضيح الصورة وإزالة الغبش الذي يثيره خصوم السلفيين حولهم.


*كاتب أردني