ماذا تنتظر الحكومة؟

سلامة الدرعاوي ما تزال الحكومة أسيرة تداعيات "كورونا"، وتحركاتها باتجاه الإصلاح الاقتصادي والتحفيز بطيئة ولا تتناسب أبدأ مع تحديات الوضع الراهن بكل أشكاله ومستوياته. تقرير مركز راصد الأخير، كشف الكثير من الضعف الحكومي في الاداء العام بكُل الاتجاهات رغم ان الحكومة تلقت دعما كبيرا من الشارع والمؤسسات المختلفة لتجاوز الانطباعات السلبية التي كانت قد خلفتها الحكومة التي سبقتها، لكن من الواضح أنها لم تستغل هذه الأجواء الإيجابية، وبقيت تحركاتها بطيئة للغاية. الحكومة التي اقترب عمرها من السبعة أشهر ما تزال غير قادرة على ملء شواغر قيادية في الدولة، وبعض تلك الشواغر مضى عليه ما يزيد على العامين مثل مدير دائرة الأراضي، إضافة إلى شواغر مثل اللوازم والجمارك ومؤسسة المشاريع الاقتصادية وأمناء عامين في وزارات كبرى مثل التخطيط والصناعة. الكُلّ يتساءل اليوم عن الثورة الاستثمارية التي أكد عليها رئيس الوزراء قبل أكثر من ثلاثة أشهر ولغاية الآن لم يحدث أي شيء في عملية الاستثمار، لا بل ان منصب رئيس هيئة الاستثمار مايزال شاغرا منذ سبعة أشهر ولغاية الآن لم يتم تعيين أي شخص ينفذ ثورة الاستثمار في حال رغبت الحكومة في إطلاقها. لم يعلن لغاية اليوم من قبل الحكومة عن مشاريع كبرى أو حتى زيادة الشراكة مع القطاع الخاص لتكون عنوان المئوية الجديدة، وهذا أمر غريب، فالبلاد في حالة جمود استثماري، ولا يوجد في الأفق ما يلوح ان هناك حزمة مشاريع قادمة في الطريق، حتى المشاريع الكبرى لا يتم الحديث عنها بإيجابية ولا بسلبية، مثل مشاريع التحلية وتوسعة المصفاة ومشاريع الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وغيرها من المشاريع التي تعطي بعدا استراتيجيا للدولة في مئويتها الثانية. حتى القطاع الخاص ما يزال يئن من آليات التعامل معه، ويتهم الحكومة بتغييبه عن رسم السياسات والمشاركة في الإجراءات، وبات يشعر فعلا ان هناك فجوة كبيرة مع الحكومة وأدوات الاتصال الراهنة غير فاعلة في المشاركة في وضع تصور إصلاحي اقتصادي للمرحلة المقبلة. حتى خطة اقتصادية ولو كانت قطاعية ولفترة زمنية قصيرة المدى غير موجودة ولم تعمل على إعدادها الحكومة مع كُلّ آسف، مثلًا ان يكون هنالك هدف خلال الأشهر المتبقية من هذا العام للوصول لشيء واضح فيما يتعلق إذا نريد ان نصل للاستثمار، وما هو القطاع الواحد الذي يجب الاسراع في إبرازه ودعمه ؟، أو في الأمن الغذائي ؟، أو ماذا تخطط الدول فيما يتعلق بالقطاع السياحي؟، أو ما هي قنوات العمل إذا ما تأخر وصول اللقاحات مثلا ولم يستكمل تطعيم المواطنين خلال الفترة المقبلة؟. للأسف بطء الحراك الحكومي يزيد من حالة الرتابة والاستياء في المجتمع، " فالحركة بركة كما يقال "، وأولى خطوات الإصلاح الاقتصادي هو خلق الانطباعات الإيجابية في المجتمع وفي نفوس ومشاعر المواطنين والمستثمرين ورجال الأعمال، وعدم الاستسلام للتحديات التي لا تنتهي أبدأ، فالحكومة هي المسؤولة أولا وأخيرا عن بدء الخطوة الإيجابية، ليتبعها بعد ذلك كل قوى ومؤسسات المجتمع . سبعة أشهر كافية للحكومة لإطلاق عنوان رئيسي تتضافر حوله كل جهود الدولة للسير نحو تنفيذه، وليس شرطا ان يتحقق كاملا، بل ان السير والتصميم والسعي لتحقيقه مؤشر إيجابي كبير على قوة الأردن وتصميم الإرادة الرسميّة في خلق الانطباعات الإيجابية أولا، ومن ثم التحرك الرشيد في تحقيق أهداف تنموية يتلمس آثارها المواطنون على أرض الواقع فعلا لا قولا.اضافة اعلان