ماذا قال الآباء المؤسّسون الأميركيون عن الإسلام

أميركي يرفع شاخصة تقول "الإسلام ليس العدو" - (أرشيفية)
أميركي يرفع شاخصة تقول "الإسلام ليس العدو" - (أرشيفية)

كريغ كونسيدين* – (كومون غراوند) 24/10/2012

دبلن - في الأسابيع الأخيرة، سمع الناس في كافة أنحاء العالم الكثير عن الخلافات والنزاع بين المجتمعات المسلمة وأميركا. إلا أن النظر بتعمق أكبر إلى التاريخ الأميركي يُظهِر إلى أي مدى تذهب التقاليد الأميركية في الاتجاه المعاكس. ولا أستطيع في عالم اليوم المقسّم والخلافي إلا أن أفكر بقيم الآباء الأميركيين المؤسسين، وإيمانهم بأن أميركا سوف تكون دائماً مكاناً مفتوحاً للناس من كافة الخلفيات الدينية.
ولا ينبغي أن يستغرب الأميركيون والمسلمون في كافة أنحاء العالم إذا رأوا أن كتابات الآباء الأميركيين المؤسسين تعرض منظوراً منفتحاً وقبولاً مطلقاً للإسلام، بل وكافة الديانات بالتأكيد. وكان جورج واشنطن قد كتب في العام 1783: "إن صدر أميركا مفتوح لاستقبال المظلومين والمضطهدين من كافة الأمم والديانات، والذين سوف نرحب بمشاركتهم كافة حقوقنا وامتيازاتنا. وقد يكونون محمديين (مسلمين) أو يهودا أو مسيحيين من أي طائفة، وربما يكونون ملحدين".
ووصف جون آدامز، الذي خدم كنائب للرئيس جورج واشنطن، النبي محمد (ص) بأنه "واحد من أكثر الباحثين عن الحقيقة رصانة ورزانة". وصرح في العام 1797، مكرراً كلام جورج واشنطن، إن الحكومة الأميركية "لا تملك في ذاتها موقفاً أو عداوة ضد قوانين أو ديانة أو طمأنينة (المسلمين). ثم ساعد بنجامين فرانكلين على تمويل بناء معبد ديني في مدينة فيلادلفيا يكون مفتوحاً لكافة الديانات، "بحيث أنه لو أرسل مفتي القسطنطينية بعثة للدعوة إلى الإسلام إلينا، فسوف يجد منبراً لدعوته".
وفي وثيقة عن الحرية الدينية كُتِبَت للمجلس التشريعي الاستعماري لولاية فرجينيا في العام 1777، صرّح توماس جيفرسون بأن "اليهودي وغير اليهودي والمسيحي والمسلم والهندوسي والملحد والكافر من أية ملّة أو دين" جميعهم مرحّب بهم. واليوم، يقف تمثال لجيفرسون في جامعة فيرجينيا وهو يمسك لوحاً كُتِب عليه "الحرية الدينية 1786" وتحته حُفِرت كلمة "الله" إلى جانب الرب ويهوه وبراهما.
وبنفس هذه الروح المساواتية التي تمتع بها الآباء المؤسسون، قام أكبر أحمد، السفير الباكستاني السابق إلى المملكة المتحدة وأستاذ كرسي ابن خلدون للدراسات الإسلامية في الجامعة الأميركية، يصحبه عدد من الطلبة الأميركيين الشباب، بالسفر في أنحاء الولايات المتحدة لاستكشاف الهوية الأميركية عبر عيون المسلمين. وقد نتج عن أسفارهم هذه فيلم وثائقي طويل عنوانه "رحلة في أميركا"، والذي يتتبع الفريق في زياراته إلى أكثر من 75 مدينة و100 مسجد، وداخل منازل ومدارس وأماكن عبادة الأميركيين من كافة الخلفيات. ويعرض الفيلم كيف نجح العديد من الأميركيين في استعادة إيمان وعقيدة الآباء المؤسسين، ولكنه يذهب أيضاً إلى ما وراء ذلك، من خلال توثيق الكيفية التي فقد بها بعض الأميركيين رؤية المكوّنات الأساسية للهوية الأميركية، مثل التسامح والتعاطف والانفتاح.
وبرأيي أن الرؤية التعددية للآباء المؤسسين هي القيمة الجوهرية التي جعلت الهوية الأميركية فريدة بين الهويات الوطنية في العالم. وحتى يتسنى استعادة رؤيتهم لأميركا كمكان يستطيع فيه الناس أن يتعايشوا بغض النظر عن خلفياتهم الدينية، قمْتُ بإنشاء مبادرة "One Film 9/11" حيث هدف هذا المشروع إلى عرض فيلم "رحلة في أميركا" في أكبر عدد ممكن من أماكن العبادة حول الولايات المتحدة والعالم المسلم يوم 11 أيلول (سبتمبر) 2013، على أمل إظهار كيف يمكن لفيلم واحد أن يكون له في نهاية المطاف أثر إيجابي على العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في كافة أنحاء العالم.
وحتى يتسنى للأميركيين والمسلمين أن يسيروا قدماً في اتجاه مفيد بشكل متبادل، يتوجب على كلا الطرفين تكريس أنفسهم للمبادئ التي عبّر عنها الآباء المؤسسون. ويشكّل فيلم (One Film 9/11) خطوة مهمة باتجاه استعادة هذا الإيمان، وبناء الجسور في عالم هو في أمسّ الحاجة إليها.

اضافة اعلان


* مدير حملة "رحلة في أميركا"، وهو حالياً طالب دكتوراه بدائرة علوم الاجتماع بكلية ترينيتي في دبلن.
*خاص بـ" الغد "، بالتعاون مع "كومون غراوند" الإخبارية.