ماذا يعني الرقم 2139 للأردن؟

القرار الأممي رقم 2139 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع الإنساني في سورية، أول من أمس، يعني الكثير للأردن. وتراهن الدبلوماسية الأردنية التي قادت جهود التوصل إلى نص متوازن يرضي أعضاء مجلس الأمن كافة، على أن يكون القرار نقطة تحول في قضية اللاجئين والأزمة الإنسانية في سورية.اضافة اعلان
يستند القرار الأممي إلى جملة مبادئ تبناها الأردن في وقت مبكر من الأزمة، وتحولت فيما بعد إلى أولويات ثلاث أقرها اجتماع المنظمات الدولية الإنسانية في عمان أواخر العام 2012، وهي: تثبيت السوريين داخل أراضيهم من خلال معالجة احتياجاتهم الإنسانية داخل سورية، عبر منظمات الأمم المتحدة؛ وتقديم الدعم للدول والمجتمعات المستضيفة للاجئين؛ ومساعدتها على تحمل تبعات اللجوء وكلفه.
القرار إنساني بامتياز. وهو الأول من نوعه الذي يصدر عن مجلس الأمن من دون اعتراض أو استخدام حق النقض "الفيتو".
منذ وقت مبكر، دعا الأردن إلى مقاربات جديدة لمواجهة الأزمة الإنسانية في سورية، والحد من أعداد اللاجئين الذين غمروا مناطق المملكة الشمالية. وفي هذا السياق، جاءت مقترحات من قبيل إنشاء مناطق إنسانية محمية على الحدود مع سورية. إلا أن التشكيك في المقترح، إضافة إلى الموقف الرسمي السوري الرافض، أجهضا المقترح.
القرار الأممي الأخير يُلزم الحكومة السورية وأطراف الصراع الأخرى بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق سورية، سواء كانت خاضعة لسيطرة النظام أو المعارضة، أو المناطق المتنازع عليها، حتى عبر خطوط القتال وعبر نقاط الحدود الشرعية.
روسيا وافقت على القرار بعد أن تم تعديله بما يتوافق مع طلبها استبعاد إدراجه تحت الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ومهما يكن، فإن موافقة روسيا مهمة للغاية؛ إذ يتوجب عليها الضغط على حليفها السوري للالتزام بتطبيقه. وهذا ما يراهن عليه أعضاء مجلس الأمن.
بعد أشهر على اندلاع الأزمة في سورية، وقدوم أولى موجات اللاجئين، بدأ الأردن يتتبع سير عمليات اللجوء. وأظهرت البيانات التي تم جمعها من الميدان أن اللاجئ السوري يتنقل في ثلاث محطات داخل الأراضي السورية، قبل أن ينتقل إلى المحطة الرابعة خارج سورية؛ أي إلى الأردن. ذلك يعني، ببساطة، أن المواطن السوري لا يرغب في ترك بلاده، ويحاول جاهدا البقاء. إلا أن غياب الأمن، ونقص الغذاء والدواء، لا يمنحانه فرصة الصمود. كما أظهرت تجربة اللجوء السوري أن كلفة تقديم المساعدات للاجئين داخل الأراضي السورية تقل كثيرا عنها خارج سورية؛ ليس بحسابات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بل بالنسبة للدول المستضيفة التي تدفع الكثير من مواردها.
هنا تكمن أهمية قرار مجلس الأمن، والقاضي بتوفير المساعدات الإنسانية للسوريين داخل أراضيهم.
الأردن سيكون بوابة رئيسة للدعم الإنساني للسوريين. وفي وقت قريب، ستقيم الأمم المتحدة مركزا للتوزيع داخل الأراضي السورية على مقربة من الحدود الأردنية، ليكون منصة رئيسة تنطلق منها قوافل المساعدات لجميع المدن والبلدات السورية. وقد حصلت الأمم المتحدة على موافقة السلطات السورية على إنشاء مثل هذا المركز.
يعول الأردن، بعد القرار الأممي، على أن يساهم وصول المساعدات إلى المناطق المحتاجة داخل سورية في تقليص أعداد اللاجئين إلى أراضيه. لكن النجاح مرهون بتعاون السلطات الرسمية في سورية أولا، والتزام فصائل المعارضة بعدم تهديد القوافل الأممية وتسهيل مهمتها في الوصول إلى المناطق المتنازع عليها تحديدا.
القرار الأممي يتضمن فقرات مهمة تتعلق برفع الغطاء عن المقاتلين الأجانب على طرفي الصراع، ودعوتهم إلى مغادرة سورية فورا، ونبذ الإرهاب بأشكاله كافة، والدعوة إلى وقف القتال وقصف المدنيين، ورفع الحصار عن المناطق السكانية. المرجح أن لا يستجيب المتصارعون لهذه الفقرات من القرار. لكن ثمة فرصة لتخفيف المعاناة الإنسانية للسوريين، ورفع عبء اللجوء عن دول الجوار. فإذا كان قدر آلاف السوريين أن يكونوا ضحايا القصف بالبراميل والعمليات الانتحارية، فإن ثمة ألف طريقة لإنقاذ حياة الآخرين من الموت جوعا ومرضا.

 

fahed_khitan@