مارتا ستيوارت في إسرائيل

مارتا ستيوارت واحدة من أغنى أغنياء العالم. مليارديرة تتربع على عرش امبراطورية "بزنس" الطعام والبيت والحديقة، وملحقاتهما من أشغال يدوية وزراعة بيتية وديكورات. وهي أشهر "شيفة" (أستاذة طبخ) في العالم على الإطلاق، والأكثر تنوعاً فيما تقدم. ولها عدد من المجلات ومحطة إذاعة وتلفزيون وشركات، مع عدد من القصور. ولديها من المال ما يُغني ولد الولد، وهي أيقونة من أيقونات نادي المعجبات والمعجبين، تجهد في كل منتوجاتها أن تحافظ على بقائها في قلوب الناس وعلى ألسنتهم وفي خيالهم؛ لأنها تخاطب لديهم، من بين ما تخاطب، حواسَّ الجمال والجودة ورفعة المستوى والواقع العمليّ والوضع الاقتصاديّ.اضافة اعلان
والست مارتا التي نتابعها على عدد من محطات العالم وثقافاته المختلفة، فعلتْ فعلةً شنعاء، في رأينا كعرب، وهي أنّها زارت إسرائيل، ووثّقت رحلتها تلك على موقعها الشخصيّ على "الفيسبوك" مع الصور والتَّعليقات المبهرجة. وعندما نما إلى علمي ما فعلت، غلى فيَّ الدّم العربيّ، وأودعْت موقعها تعليقاً نارياً متأسفةً أنها أدارت ظهرها إلى 300 مليون عربي من عشّاق فنّها الراقي وحلقاتها الممتعة. وقام في نفسي أن أدعو إلى مقاطعتها، ومقاطعة مجلتها التي صارت تصدر في العربيّة من دبيّ. ولكن إعادة التّفكير ومناقشة الفكرة جعلتاني أذهب إلى رأي آخر، أرصنَ وأكثر فائدةً لنا ولقضيتنا، وهي أن ندخل كعرب على خطّ مارتا، وندعوها إلى بلادنا، لتتعرّف إلى ثقافتنا، وقضيتنا، ونخرجها من عتمة الإعلام الأميركي وخطوطه الحمراء، حيث تتخفى الحقيقة خلف ألف قناع وقناع.
وأهميّة مارتا ستيوارت تتأتّى، ليس من أنّها إحدى قوى المال الأميركي، بل من منبرها المرئي المسموع الذي له صولةٌ وجولةٌ في أميركا وفي العالم أيضاً. فيكفي إن استضافت أحد الشيفات العرب ليقدّم طبقاً عربيّاً، وعازف عود مثلاً، ليتحوّل الطّعام إلى الثّقافة، والثّقافة إلى القضايا العادلة العربيّة. فاللّمساتُ الإنسانيّة الخفيفة التي تمرّ عبر برامج التّرفيه تترك أثراً أعمق –أحياناً– من أي مناقشة جادّة وحادَّة، بما تحمله من رسائل غير موجّهة، ولكنها تتلاقى والإخاء الإنساني، والتّوق إلى العدالة والحريّة!!
وعلى ذلك فإنّ ذكاء المال العربيّ وإعلامه، ينبغي أن يتوجّه إلى استقطاب التّضامن من تلك القوى التي تؤثّر، وتلك التي تؤدلج، وتلك التي تصنع الرأي العام. بدل أن تختار الشّعوبُ العربيّة أسلوب المقاطعة، الذي هو أرخص، ولربّما أغبى، أساليب التّأثير والإقناع.
فالعمل على دعوة مارتا ستيوارت، أو أوبرا وينفري، لتصوّر إحدى حلقات برامجها في بترا، ستخضّ أعداء الإنسانيّة خضّاً، وستعمل على تقديمِنا، كعرب، في سياق ثقافيّ جميل، بعيداً عن التّنميط الذي مورس بحقنا وحقّ شعوب العالم الثالث، ولا يزال.
وليت أنّ أولئك المتخصّصين بـ"الجهاد" على الإنترنت يصرفون بعض الوقت في إرسال الرسائل إلى مارتا على موقعها، عارضين مخاطر استخدامها في تنميق طغيان دولة إسرائيل، وتسويغ جرائمها التي لا تقف عند حدّ، من دون أن يكيلوا لها، كالعادة، الشتائم القذرة كيلاً.
دعونا لا نفقد الأمل...