ماهر أبو طير يكتب: فواتير الجهلة تنتظرنا في نيسان وأيار

كلما ظهرت حالات جديدة في الأردن، تأخرت عودة الحياة إلى طبيعتها، وكلما تأخرت هذه العودة، تضرر الملايين في أرزاقهم، وقد يأتي يوم، لا يجد فيه كثيرون رغيف الخبز، ولا حليب الطفل الوليد، ولا حبة الدواء.اضافة اعلان
هذه ليست مبالغة، فالذين يكسرون الحظر، أو يتصرفون من دون أخلاق ولديهم أعراض كورونا، ولا يراجعون المستشفيات، أو يتجمعون على شكل شلل ليلا ونهارا على الأرصفة، أو يكسرون تعليمات الحجر المنزلي، لا يمارسون حريتهم أبدا، بل يحطمون بلدا كاملا، ويرسلون الكل الى كارثة عامة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وهي كارثة ستظهر آثارها خلال أسابيع.
في أميركا، ستة ملايين شخص خسروا وظائفهم، وتقدموا بطلبات مساعدة، وفي دول غربية وعربية، يتم منح إجازات من دون راتب، أو الاستغناء عن أعداد كبيرة، فالاقتصاد في العالم ينهار، وكلما تفشت موجة الوباء في بلد ما، تم التشدد بشأن حركة الناس، وبالتالي تعطل الاقتصاد، وانهارت الدول داخليا، وعندنا بعض من لا يفقه أبدا، ولا يريد لنا النجاة، ولا حتى على مستوى الاقتصاد الداخلي.
في الأردن أكثر من مليون شخص فقير، وأكثر من نصف مليون شخص يعملون باليومية، أو لديهم محلات مغلقة، ومعهم أعداد ليست سهلة تعمل في القطاع الخاص المغلق اليوم، فلا المستشفى الخاص يعمل كما سابقا، ولا المدرسة الخاصة، ولا الجامعة الخاصة، ولا مصنع المواد الغذائية، ولا حتى المطبعة، ولا المطعم، ولا سائق سيارة الأجرة، وصولا الى بقية المهن، وكل هؤلاء ينتظرون فك الحظر كليا حتى تعود الحياة الى طبيعتها، لكن أمام قلة جاهلة وعديمة المسؤولية، يتم التمديد لهذا الحظر الجزئي، وقد نصل الى حظر شامل بعد قليل، وهذا عقاب استمطرناه.
معنى الكلام أن هذه القلة القليلة تقتل شعبا كاملا، فمن منحها هذا الحق، بتدمير عشرات آلاف البيوت المتضررة اليوم، من سمح لها أساسا أن تتسبب بهذه الكارثة الاقتصادية، التي لم تلق بظلالها بعد علينا بشكل كامل، وإن كنا نسمع عن تخفيض الأجور، أو عدم دفعها في بعض الحالات، لكن الأثر الحقيقي سنراه نهاية شهر نيسان، وتعثر قطاعات كثيرة وعدم قدرتها على دفع الرواتب، دخولا الى شهر رمضان، وما يعنيه من بطء اقتصادي، عدا قطاعات محددة، وهذا يعني وصولنا أيضا الى مشاكل مع نهايات شهر أيار، ورواتبه واستحقاقاته، ثم احتمال أن تمتد موجة الأثر السيئ الى الأشهر اللاحقة.
عن أي أخلاق نتحدث، وكيف نفهم دور الفرد بحق مجتمع كامل، والذي تعنيه حركة الفرد وتصرفاته وتأثيره على شعب بأكمله، فقد شبعنا وطنيات، وشعارات، وأغنيات، وهزا للرؤوس، ما دمنا نؤذي غيرنا بهذه الطريقة، وهي طريقة سوف ترتد على الكل، بلا استثناء، حتى على أولئك الذين يظنون أن دخولهم مضمونة، وأن لا ضرر سوف يصل عليهم، وهم هنا لا يفهمون الحقيقة التي تقول إن تضرر الموازنة العامة، بسبب وقف الحياة الاقتصادية، وتوقف تدفق الضرائب وغيرها، سيؤدي بعد قليل الى مشاكل حتى في تأمين الرواتب، واللجوء الى القروض إذا وجدنا من يمنحنا القروض في هذا الزمن الصعب، أمام مشهد سقوط الدول.
الذين احترموا القانون، بكل بنوده، سيدفعون ثمن أفعال قلة قليلة بلا عقل حقا؛ إذ تظن أن كورونا مؤامرة، أو تدير الموقف بفهم غير صحيح للدين، عبر قصة التوكل على الله، وهي قصة لم يفعلها صحابة الرسول، بل اتخذوا كل الاحتياطات، ومعهم من يظنون أن كورونا، يبحث عن غيره، ولن يصيبه تحديدا.
كل يوم نتصرف فيه بجهل، يقودنا الى مصير سيئ جدا، ولحظتها، لا تلوموا أحدا، وبهذا المعنى يصير من يتسبب بطول مدة الذي نحن فيه، مجرما بحق، فهو يدمر ملايين الأشخاص، بسبب تفشي المرض، هذا فوق عشرات الآلاف من الأردنيين الذين قد يعودون من دول العالم، بسبب خسارة أعمالهم، ولحظتها سنجلس معا على قارعة الطريق، نلطم وجوهنا، حين يتسبب جهل القلة، بضرر حياتي، يفوق ضرر كورونا الصحي، وتأثيراته على الحياة في هذا العالم.