ما أغرب اليوم عن الأمس

د.محمد مطاوع خشان

اجتاح فيروس كورونا العالم ليقلب الموازين ويغير المفاهيم. بدت أميركا وأوروبا أمام هذا الفيروس دولًا هشة، ارتبكت أمامه وحشدت لمقاومته واهتزت وأظهرت الفشل. بالمقابل أبدت دول متواضعة حنكة أكبر وحكمة أكثر. وسمعنا العراق تزف على مسامعنا خبر اكتشافها لقاحًا لهذا الفيروس، بينما تقف دول العالم المتقدمة مكتوفة الأيدي بينما الوباء يحصد أرواح مواطنيها حصدًا. ورأينا كيف تتقدم الصين على سلم قيادة العالم وكيف تتراجع الولايات المتحدة وخلفها أوروبا عليه. وعاشت البشرية حقبة طويلة في صراع مع الزمن متمثلًا بعجلة متسارعة من العمل والكد في شتى مناحي الحياة، حولتنا إلى آلات بشرية حتى لا يكاد الشخص يجد وقتًا يجالس فيه أبناءه، ناهيك عن وقت يفكر فيه بنفسه. ويعيش العالم اليوم لحظات تعج بالساعات والأيام، وتعيش البشرية اليوم بحبوحة من الوقت لا أظن أنها شهدت لها مثيلًا في العصر الحديث. والوقت يا سادة كنز لمن يقدر قيمته، وكم تمتلئ أدبياتنا نثرًا وشعرًا تغزلًا بالوقت وقيمته. في هذا الوقت خرج علينا المتشائمون لا يرون في هذه الجائحة إلا غضب الرب وانتقام الطبيعة. لم يروا في هذه التجربة الكونية إلا خسارة الصلاة في المساجد، فاختزلوا الإيمان في دور العبادة وتناسوا أن الإيمان في دور أرواحهم، أرواحهم المختزلة التي لم تر في الله إلا الانتقام والطرد، فلم يروا في هذه الرسالة العالمية إلا إشارة من الله بعدم رضاه. والحقيقة أن الإنسان الإيجابي هو الذي ينظر إلى المحن على أنها منح، منح يمنحها الله للناس يوجههم من خلالها إلى ما فيه خيرهم. فرص يمنحها الله للعباد ينبههم فيها لسوء خياراتهم ليختاروا خيارات أخرى تحقق لهم الخير الكثير. وقد يكون الأمس حلوًا إنما القادم بإذن الله أحلى.

اضافة اعلان