ما الإسلام؟

الجواب بديهي ويعرفه كل مسلم؛ فالإسلام هو أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتصوم رمضان، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. والإيمان هو أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.اضافة اعلان
وبرغم بداهة المعرفة وبساطتها، إلا أن المسلمين يخوضون حروبا دينية طاحنة فيما بينهم؛ تدمر بلادهم ومواردهم، وربما تفنيهم. والغريب أنهم لم يتحاربوا يوما حول أركان الإسلام أو أركان الإيمان؛ فكل هذه الصراعات الممتدة المتراكمة العميقة والمدمرة، المنسوبة إلى الإسلام، والتي يملك المحاربون فيها دوافع قوية وهائلة تجعلهم يقبلون على الموت معتقدين أنهم يموتون في سبيل الله، لم تكن في يوم من الأيام تمس أركان الإسلام أو أركان الإيمان. فلم نسمع أبدا عن حروب وكراهية بسبب الاختلاف حول أركان الإسلام والإيمان، برغم تعدد المذاهب والأفكار والتأويلات والاجتهادات في فهم الإسلام وتطبيقه.
والحال أن الحروب الإسلامية-الإسلامية منذ مقتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان، ثم معركتي الجمل وصفين، وما تبعهما من حروب مدمرة بين الأمويين والعباسيين، وبين العباسيين والفاطميين، وبين العثمانيين والمماليك وبين العباسيين والمغول ثم التتار، والحروب بين الشيعة والسُنّة، وآلاف الأمثلة والنماذج الأخرى، لم تكن سوى صراع على السلطة؛ من يحكم؟ ولا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد. وكل ما ينسب إلى الإسلام من علاقة بهذه الحروب والصراعات، ليس سوى حشد لأدوات الصراع وموارده، أو لنقل إنه صراع على الإسلام؛ من يملكه أو يمثله أو يحق له أن يستخدمه، ليس لأجل أركان الإسلام والإيمان، وليس لحماية الوضوء والصلاة والتلاوة والذكر من التحريف والضلال، ولكن لأجل الشرعية السياسية والسلطوية.
الصراع على السلطة أو الموارد حقيقة كبرى ماثلة منذ ابني آدم. وهذا موضوع آخر. لكن ما نحتاج إليه هو تحرير الإسلام من الصراع؛ كيف نحيّد الإسلام في الصراع القائم اليوم ومنذ ألف وأربعمائة سنة؛ كيف نفهمه (الصراع) ونديره ونشارك فيه ونسعى إلى تسويته بما هو صراع بين البلاد والشعوب والأقوام والنخب والقبائل على السلطة والموارد. ففي ذلك نستطيع أن نفكك الصراع ونقلل الخسائر والكراهية.
لن تتوقف الحروب والصراعات بالطبع بسبب تحييد الإسلام. ولكننا نقلل الخسائر، ونفهم المسائل كما هي. والأكثر أهمية، نميز بين ما هو إسلام وما ليس إسلاما، وبين الدين بما هو الكتاب الذي نزل من السماء، وبين الإنساني في فهم الدين وتطبيقه، بما هو مجهود إنساني عقلي محمل بالتفكير والجهد والنقص والأهواء والمصالح والمُثل والخبرات والتجارب، وبما هو قابل لأن يكون خطأ أو صوابا، ويمكن مراجعته وتصحيحه أو التخلي عنه.