ما الذي حققته الولايات المتحدة مقابل 2 تريليون دولار أنفقتها في أفغانستان؟

رجل أمن أفغاني يقف حارساً على موقع هجوم في كابول، أفغانستان – (أرشيفية)
رجل أمن أفغاني يقف حارساً على موقع هجوم في كابول، أفغانستان – (أرشيفية)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة سارة المختار؛ ورود نوردلاند - (نيويورك تايمز) 9/12/2019 أما وقد قيل كل شيء الآن، فسوف تبلغ تكلفة الحرب الأميركية التي دامت 18 عاماً في أفغانستان أكثر من 2 تريليون دولار. فهل تم إنفاق هذه الأموال كما ينبغي؟ ثمة القليل الذي قد يُظهر ذلك. الآن، تسيطر طالبان على جزء كبير من البلاد؛ وما تزال أفغانستان أحد أكبر مصادر اللاجئين والمهاجرين في العالم؛ وقد قتل أكثر من 2.400 جندي أميركي وأكثر من 38.000 مدني أفغاني. ومع ذلك، تحسنت الحياة في أفغانستان، لا سيما في مدن البلد، حيث ازدادت فرص التعليم؛ وأصبحت العديد من الفتيات الآن في المدرسة؛ وتم بناء المؤسسات الديمقراطية -ولو أنها ما تزال هشة ومهتزة في أحسن الأحوال. اعتماداً على تقديرات مشروع تكاليف الحرب بجامعة براون، قمنا بتقييم مقدار ما أنفقته الولايات المتحدة على الجوانب المختلفة من الحرب في أفغانستان، وما إذا كان هذا الإنفاق قد حقق أهدافه. 1.5 تريليون دولار لشن حرب، بينما تسيطر طالبان -أو تنافس- على جزء كبير من البلاد. عندما أعلن الرئيس جورج دبليو بوش عن بدء أول عمل عسكري في أفغانستان في أعقاب الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم القاعدة على الولايات المتحدة في العام 2001، قال إن الهدف هو تعطيل العمليات الإرهابية ومهاجمة طالبان. والآن، بعد مرور ثمانية عشر عاماً على بدء الحرب، أصبح طالبان يزدادون قوة. وهم يقتلون أفراد قوات الأمن الأفغانية -أحياناً بالمئات في الأسبوع- ويهزمون القوات الحكومية في جميع الاشتباكات الرئيسية تقريباً، إلا عندما يتم استخدام دعم جوي أميركي كبير ضدهم. من جهتها، انتقلت القيادة العليا لتنظيم القاعدة إلى باكستان، لكن الجماعة حافظت على وجود لها في أفغانستان وتوسعت إلى فروع في اليمن وشمال إفريقيا والصومال وسورية. وهكذا، ما يزال الإنفاق الحربي البالغ 1.5 تريليون دولار تحت التعتيم، لكن وزارة الدفاع رفعت السرية عن بعض المعلومات عن آخر ثلاث سنوات من الإنفاق. ذهبت معظم الأموال المفصلة في هذه المعلومات -حوالي 60 في المائة كل عام- إلى أشياء مثل التدريب والوقود والمدرعات والمنشآت. واستحوذ النقل، مثل عمليات النقل الجوية والبحرية، على حوالي 8 في المائة، أو 3 مليارات دولار إلى 4 مليارات دولار في السنة. • 10 مليارات دولار على مكافحة المخدرات، بينما توفر أفغانستان اليوم 80 في المائة من هيروين العالم. في تقرير صدر العام الماضي، وصف المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان جهود مكافحة المخدرات بأنها "فشل". وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي تم إنفاقها على مكافحة زراعة خشخاش الأفيون، فإن أفغانستان هي الآن مصدر 80 في المائة من الإنتاج العالمي غير المشروع للأفيون. وكانت أفغانستان، قبل الحرب، توشك أن تقضي تماماً على الأفيون، وفقا لبيانات الأمم المتحدة عن السنوات من 1996 إلى 2001، عندما كانت طالبان في السلطة. واليوم، تعد زراعة الأفيون مصدراً رئيسياً للدخل والوظائف في البلاد، وكذلك لعائدات طالبان. وبخلاف نفقات الحرب، تشكل هذه الزراعة أكبر نشاط اقتصادي في أفغانستان. • 87 مليار دولار لتدريب قوات الجيش والشرطة، ولا تستطيع القوات الأفغانية أن تدعم نفسها. كان أحد الأهداف الرئيسية للجهد الأميركي في أفغانستان هو تدريب الآلاف من أفراد القوات الأفغانية. وقد ذهب معظم الإنفاق الأميركي على إعادة الإعمار إلى صندوق لدعم الجيش الأفغاني وقوات الشرطة من خلال توفير المعدات والتدريب والتمويل. ولكن، لا أحد في أفغانستان -ليس الجيش الأميركي، ولا كبار مستشاري الرئيس أشرف غاني- يعتقد بأن القوات العسكرية الأفغانية يمكنها أن تدعم نفسها. ويعاني الجيش الأفغاني على وجه الخصوص من زيادة معدلات الإصابات وترك الخدمة، مما يعني أنه يتعين عليهم تدريب مجندين جدد يبلغ مجموعهم ثلث مجموع القوات على الأقل كل عام. كان الرئيس باراك أوباما قد خطط لتسليم المسؤولية الكاملة عن الأمن إلى الأفغان بحلول نهاية العام 2014 وسحب جميع القوات الأميركية بحلول العام 2016. وقد تعثرت هذه الخطة عندما استغلت حركة طالبان الفرصة سريعاً وأصبحت تكسب الأرضية. وكان على الجيش الأميركي إقناع الرئيس أوباما أولاً، ثم الرئيس ترامب، بزيادة عديد القوات. وبقي حوالي 14.000 جندي أميركي في البلاد حتى هذا الشهر. • 24 مليار دولار على التنمية الاقتصادية، وما يزال معظم الأفغان يعيشون في فقر. ضاعف الإنفاق المتصل بالحرب من حجم الاقتصاد الأفغاني تقريباً منذ العام 2007. لكنه لم يترجم إلى اقتصاد سليم. فربع الأفغان أو أكثر عاطلون عن العمل، وقد تلاشت المكاسب الاقتصادية منذ العام 2015، عندما شرع الوجود العسكري الدولي في البلاد في التراجع. وما يزال المستثمرون الأجانب يحجمون عن العمل في البلد متخوفين من الفساد في أفغانستان -الذي يسجل مستويات من بين الأسوأ في العالم، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، مجموعة مكافحة الفساد- وحتى الشركات الأفغانية تبحث عن عمالة أرخص من الهند وباكستان. وقد تبددت آمال تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع المعادن، الذي تفاخرت وزارة الدفاع الأميركية بأنه قد يعادل تريليون دولار. وتشارك بعض الشركات من الصين وأماكن أخرى في الاستثمار في مجال التعدين، لكن رداءة الأمن والبنية التحتية حالا دون تحقيق أي عوائد مهمة. • 30 مليار دولار على برامج إعادة الإعمار الأخرى، وقد خُسر الكثير من هذه الأموال بسبب الفساد والمشاريع الفاشلة. دعم دافعو الضرائب الأميركيون جهود إعادة الإعمار التي تشمل حفظ السلام، ومساعدة اللاجئين، والمساعدة في مواجهة الفيضانات المزمنة، والانهيارات الثلجية والزلازل. ثم تبين أن الكثير من هذه الأموال، كما وجد المفتش العام، تضيع على البرامج التي تم تخطيطها بشكل سيء أو التي تمتلئ بالفساد. ذهبت الدولارات الأميركية إلى بناء مستشفات لم تعالج أي مرضى، ومدارس لم تدرِّس أي طالب (وأحياناً لم تكن موجودة على الإطلاق) وإلى قواعد عسكرية وجدها الأفغان عديمة الفائدة وأغلقت أبوابها لاحقاً. وقام المفتش العام بتوثيق 15.5 مليار دولار من الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام في جهود إعادة الإعمار في الفترة من العام 2008 حتى العام 2017. بفضل الإنفاق الأميركي، شهدت أفغانستان تحسينات في قطاعي الصحة والتعليم -لكنها ما تزال ضئيلة مقارنة بالمعايير الدولية. فما تزال وفيات الأمهات في أفغانستان من بين أعلى المعدلات في العالم، في حين أن متوسط العمر المتوقع هو من بين أدنى المعدلات في العالم. وما تزال معظم الفتيات يتلقين تعليماً قليلاً أو معدوماً، في حين أن التعليم للبنين ضعيف بشكل عام. • 500 مليار دولار على الفوائد؛ حيث تم تمويل الحرب بأموال مقترضة. من أجل تمويل الإنفاق على الحرب، اقترضت الولايات المتحدة مبالغ كبيرة، وسوف تدفع أكثر من 600 مليار دولار كفوائد على تلك القروض حتى العام 2023. وسوف يستغرق سداد باقي الديون سنوات. وبالإضافة إلى أكثر من 2 تريليون دولار أنفقتها الحكومة الأميركية فعلياً على الحرب، سوف تستمر في تحمُّل الديون والتكاليف الطبية لفترة طويلة في المستقبل. • 1.4 تريليون دولار سيتم إنفاقها على قدامى المحاربين الذين حاربوا في حروب ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) بحلول العام 2059، وسوف تستمر التكاليف الطبية وتعويضات العجز لعقود. ذهب مسبقاً أكثر من 350 مليار دولار إلى الرعاية الطبية وتعويضات العجز لقدامى المحاربين في الحربين في العراق وأفغانستان مجتمعتين. ويقول الخبراء أن أكثر من نصف هذا الإنفاق ذهب إلى جهود أفغانستان. والمجموع النهائي غير معروف، لكن الخبراء يتوقعون إنفاق تريليون دولار أخرى من التكاليف التي ستترتب على مدى السنوات الأربعين المقبلة مع تقدم قدامى المحاربين الجرحى والمعاقين في السن وحاجتهم إلى المزيد من الخدمات. *المصادر: نيتا سي. كراوفورد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بوسطن؛ مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون؛ المفتش الخاص لإعادة إعمار أفغانستان؛ وزارة الدفاع؛ مجلة الحرب الطويلة، The Long War Journal؛ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة؛ معهد بروكينغز. *ملاحظة: تشمل تكاليف الحرب الأموال المخصصة على وجه التحديد للإنفاق الحربي بالإضافة إلى الزيادات في الميزانية الإجمالية لوزارة الدفاع. التقديرات لمبالغ الميزانية المصرح بها في 2019 بالدولار. *نشر هذا التقرير تحت عنوان: What Did the U.S. Get for $2 Trillion in Afghanistan?اضافة اعلان